تكتمل معاني الإيجابية في حياة المسلم حين يحقق في نفسه معنى قوله تعالى: «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين». وكذلك الإيجابية في السنة النبوية: فعندما نعيش مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم نجد الحث على الإيجابية والإرشاد إليها، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك». واعلم أن الله خلق الإنسان، وأنزله إلى الأرض، وجعل الجنس البشري خلائف يخلف بعضهم بعضا، لمهمة عظيمة هي عبادة الله، وعمارة الأرض، ولكن الشيطان سلط على هذا الإنسان يغويه ويدفعه إلى الشر، وقد أخذ الشيطان على نفسه العهد بالعمل على غواية هذا الإنسان، وقد يكون هذا داخل النفس أو من صديق أو قريب؛ لذا قال تعالى: «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين». والبداية تكون بمعرفة فردية التكليف؛ حيث إن هذا الإحساس بالمسؤولية يجعل المسلم يقوم بواجبه نحو ما أمره الله به، وإن كان من ضمن واجبات المسلم التزام الجماعة ودعوة الغير، ولكن تقصير الغير لا يعد مبررًا لأن يقصر. وعدم استصغار العمل، أو النظر إليه على أنه قليل، فرب أمر تراه صغيرا وهو عند الله عظيم، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحتقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق». ويجب النظر إلى النتائج والأجر الكبير، فإن المتمعن في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء». وعلى المسلم أن يكون عالي الهمة، فيقول أحد العلماء: «علو الهمة هو استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور»، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لا تُصغرن همتك فإني لم أر أقعد بالرجل من سقوط همته».
