كانت المحطة الأولى في برنامج وفد النخبة في زيارتهم الأولى إلى مملكة النرويج، زيارة محافظة العاصمة أوسلو، ولقاء السيدة ماريانا بورجن عمدة المدينة. كان لقاءً ودياً، تحدثت فيه السيدة مارجن عن كثير من المشاريع التنموية في المحافظة لتطوير العاصمة، وبدا واضحاً أن كل الخطط والإجراءات مرتبطة بالمحافظة، وهو ما يؤكد أهمية دورها في العمل على تطوير وتنمية كافة المرافق، وأن كل القطاعات والمؤسسات التنموية والخدمية في مختلف المجالات ترتبط بالمحافظة، التي في يدها كل خيوط التطوير، ويأتي ارتباط المجلس البلدي بالمحافظة، حيث يشكل جزءاً مهماً في كيانها، ويقع قرب مكتب عمدة المدينة، دليلاً واضحاً على أهمية الدور الذي تقوم به المحافظة في إنجاز مختلف المشاريع، ورعاية المجلس البلدي، ودعم كل ما يتخذه من قرارات وتوصيات. في غرفة الاجتماعات التي تُعقد فيها اجتماعات أعضاء المحافظة، والمجلس البلدي، وممثلي الأجهزة الحكومية المختلفة، استمعنا إلى شرح مفصَّل عن مشاريع التنمية الشاملة والمستدامة لمدينة أوسلو، قدمه مستشار المحافظة للشؤون السياسية السيد أندريس لارسون، وهي مشاريع ترمي إلى تحقيق عدد من الأهداف التي تعد وسماً لانطلاقة أوسلو المستقبل، وتشارك كل القطاعات في برامج التنمية الرئيسية، وهي برامج لا تستثني أي طبقة، أو جنس في المجتمع، وتشركهم جميعاً في برامج التنمية الشاملة التي لا تكون شاملة، لتحسين الأوضاع والمعيشة، إلا إذا كان كل فرد أو قطاع يسهم في برامج التنمية، والاستفادة من كل الفرص، وتبادل المنافع التنموية، والمشاركة في صنع القرار، وتعمل المحافظة على وضع استراتيجيات وخطط اقتصادية واجتماعية وتنموية لتعزيز مشاريع التنمية الشاملة المستدامة للحد من الفقر، والحماية الاجتماعية، وخلق فرص العمل، والتوسع الحضاري المستدام للمدينة، وفرض السياسات المالية التي تحفز النمو الشامل، وتعم مختلف القطاعات من حيث التطور السريع مع المحافظة على معدل خطط التنمية، وإنجازاتها بعيدة المدى من منطلق مبدأ الحفاظ على الديمقراطية في معالجة القضايا وإصدار القرارات. أما فيما يخص النظام الانتخابي لأعضاء المجلس البلدي، وما لديه من سلطات وصلاحيات، فهو نظام فريد في نزاهته وسلاسة إجراءاته، كما أن تشكيلته الانتخابية ليست قائمة ومحددة بالأصوات التي يحصل عليها الأعضاء، وإنما تتحقق الفائدة الكبرى عند الحصول على أكبر عدد من المقاعد فيه لأعضاء الحزب الواحد، الذي يشكل قوة في المجلس، في اتخاذ القرارات ودعم تنفيذها بما يخدم المدينة وأفراد المجتمع. كان لزاماً علينا بصفتنا نخبة من المثقفين والإعلاميين، الذين يمثلون قطاعات مستقلة في المجتمع المدني، ويعبرون عن أنفسهم، ويتطلعون إلى أخذ ما لدى النرويجيين من تجارب للاستفادة منها في بلادنا، أن ننقل لهم صورة حقيقية لما نعيشه من نمو وتطور، وما نتطلع إليه أيضاً في المستقبل من تحقيق حضارة وتنمية مستدامة بالجهد والعمل. حقاً لقد أدهشتنا تجربتهم التنموية ونظامهم الديمقراطي الفريد الذي لا يستثني أحداً، وقد رأينا ووقفنا على كثير من الإنجازات التي نتمنى استنساخها في بلادنا. لا أظنني سأتوقف عند أولى محطات رحلة الأشواق في أسلو، فلي في هذه الرحلة مواقف وتجارب مستفادة سأتناولها بتوسع تباعاً، لاحقاً بإذن الله.