الأزمة عبارة عن خلل يؤثر على النظام كله، ويهدد الافتراضات الرئيسية التي يقوم عليها النظام. وحدوث الأزمة يتطلب شرطيين أساسيين على الأقل؛ الأول: تعرض النظام كله إلى تأثير يخل بوحدة النظام، أما الثاني: فهو بطلان الافتراضات والمسلمات التي يؤمن بها أعضاء المنظمة أو المؤسسة، والأزمة الإدارية لها خصائص منها: الفجائية أو عدم التوقع، وهذه الخاصية حدثت في وزارة التعليم؛ في عدم توقعها رفض وزارة المالية تزويدها بالوظائف، والدليل تخبطها في تأخر إعلان الاحتياج، وتحويل الإداريين إلى معلمين لسد العجز غير المتوقع، والتوسع في حركة النقل الخارجي، مما أحدث نقصا في احتياج مناطق الطرد، وهذا يعزى إما إلى عدم التنسيق والاستعداد، أو التخبط الإداري، وهذا ديدن الوزارة مع قضاياها ومشكلاتها منذ عقود. ومن خصائص الأزمة القرارات الإدارية العشوائية، وهذا العام صدرت عدة قرارات عشوائية مرتجلة شتت الجميع، طلابا ومعلمين وخريجين، منها إيقاف الإيفاد والدبلومات، قبول الطلاب في الجامعات، تحويل الإداريين إلى الكادر التعليمي، وآخرها تعميم معالي الوزير الخاص بتوظيف خريجي التربية الخاصة، في تدريس المواد الاجتماعية بالمدارس الأهلية والأجنبية، وهذا التعميم كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ لاستحالة تطبيقه ولعواقبه الوخيمة علميا وتربويا ووظيفيا، وغاب عن معالي الوزير أن اتخاذ القرار ليس نهاية المطاف بل بدايته، لأن بعد اتخاذ القرار يأتي التنفيذ والمتابعة والتقويم، فليس المهم يامعالي الوزير اتخاذ القرار بل الأهم ما بعد اتخاذ القرار. ومن خصائص الأزمة أيضا عدم وجود تكامل بين مراكز القرارات الإدارية، وهذه الخاصية بكل أسف هي أساس أزمة التعليم لدينا، فليس هناك تنسيق بين أجهزة وزارة التعليم في معرفة الاحتياج، وتقديره ورسم خطط مستقبلية له، فعلى سبيل المثال قسم التربية الخاصة بعيد عن شؤون المعلمين، وقسم تطوير المناهج بعيد عن وكالة الشؤون المدرسية، بالإضافة إلى عدم تكامل وزارة التعليم مع أجهزة الدولة الأخرى، ومثالا على عدم التكامل وسوء التخطيط وتضارب المعلومة؛ ما صرح به معالي الوزير لخريجي التربية الخاصة بقوله إن الوزارة لا تحتاج إلى هذا التخصص، ولديها فائض من المعلمين، بينما الدراسات والإحصاءات تؤكد أن عدد الطلاب المستفيدين من خدمات التربية الخاصة في المملكة يبلغ (80) ألف تلميذ وتلميذة، منهم (62) ألفاً يتلقون خدمات التربية الخاصة في وزارة التربية والتعليم، و(18) ألف تلميذ وتلميذة يتلقون خدمات التربية الخاصة في القطاعات الحكومية الأخرى والأهلية والخيرية، ما يشير إلى أن المستفيدين من خدمات التربية الخاصة في المملكة حالياً يشكلون نسبة (1.8 %) تقريباً من إجمالي (4.500.000) تلميذ وتلميذة في مدارس التعليم العام، بينما يشكلون نسبة (9 %) من إجمالي التلاميذ المستهدفين بخدمات التربية الخاصة، والمقدر عددهم (900) ألف تلميذ وتلميذة، وهذه الأرقام ذكرها الدكتور ناصر الموسى، مستشار التربية الخاصة بوزارة التعليم، في صحيفة الرياض العدد رقم (15923)، واصفا نسبة المستفيدين من خدمات التربية الخاصة بالمتدنية، وذلك بناء على مقاييس الإحصاءات العالمية، مشيراً إلى أن خدمات التربية الخاصة بحاجة إلى جهود جبارة على مستوى التخطيط والإعداد والتنفيذ، تفوق مستويات ما يتطلبه التعليم العام، ولغة الأرقام يا معالي الوزير لا تكذب، وهي لغة تعبر بوضوح عن فشل وزارتكم مع ملف التربية الخاصة سواء للمتعلم أو للمعلم أو للمجتمع.ولإصلاح التعليم؛ نحتاج يا معالي الوزير إلى إعادة البناء بشكل صحيح سليم، بعيدا عن الترميم والترقيع، بناء يقوم على الصراحة والموضوعية، وهو بناء لن يقوم إلا بتفكيك وهدم كل البناء القديم، ومن سيتقن البناء الجديد أفراد خارج الوزارة، فمن حولك هم من يخلقون الأزمات، كما يخلقون بيئة عمل يسودها التوتر وفقدان المصداقية، لتحقيق مصالح معينة. همسة: من كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله «لأبنائنا وبناتنا أقول أنتم استثمار المستقبل للوطن، ونحن حريصون كل الحرص على إيجاد فرص العمل بما يحقق لكم الحياة الكريمة».