وزير الاتصالات وتقنية المعلومات ومحافظ هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية يتفقدان استعدادات"توال" لموسم حج 1445    «اجدان للتطوير العقاري» تعلن عن تدشين مشروع "داره مكة" بالعاصمة المقدسة    القيادة تهنئ رئيس جمهورية الفلبين بذكرى استقلال بلاده    الجامعات السعودية تؤكد دور المملكة في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة    تعرف على المنتخبات المُتأهلة إلى تصفيات آسيا النهائية لكأس العالم 2026    رونالدو يعلق على اقتراب اعتزاله    «إي اف جي هيرميس» تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح المسوّق لشركة «أرامكو»    ارتفاع عدد ضحايا حريق بناية المنقف بالكويت إلى أكثر من 35 وفاة    وزير النقل يُدشِّن تجربة التاكسي الجوي ذاتي القيادة لأول مرة في موسم الحج    الواجب تِجاه المُبدعين فِكرياً وأدبياً وعِلمياً    الصحة تنقل 18 حاجًا عبر 31 عربة إسعافية من المدينة إلى المشاعر المقدسة    المملكة مستمرة في دعمها الإنساني للفلسطينيين    فرصة لهطول الأمطار على مرتفعات مكة والجنوب وطقس شديد الحرارة بالرياض والشرقية    زلزال بقوة 4.8 درجات يضرب بلدة بوان غرب كوريا الجنوبية    استشهاد 14 فلسطينياً في قصف للاحتلال على منازل بمدينة غزة    أسعار النفط تغلق على ارتفاع طفيف عند 81.92 دولار للبرميل    الأفيال الأفريقية تنادي بعضها بأسماء فريدة    وزير الإعلام يزور جناح" سدايا"    وفد شوري يزور «مَلكية الجبيل» ورأس الخير    السعودية واحة فريدة للأمن والأمان (2 2)    في يورو 2024… الظهور الأخير ل 5 مخضرمين    أبناء الطائف ل«عكاظ»: «عروس المصايف» مؤهلة لاستضافة مونديال 2034    تابع سير العمل في مركز قيادة الدفاع المدني.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد مشاريع التطوير في المشاعر المقدسة    شكراً..على أي حال    بدء العمل بمنع دخول المركبات غير المصرح لها إلى المشاعر    وزير الداخلية يتفقد المشاريع التطويرية ومركز تحكم الدفاع المدني بالمشاعر    اتفاقية بين «المظالم» و«مدن» للربط الرقمي    "الكشافة".. 6 عقود في خدمة ضيوف الرحمن    العدو الصهيوني    حج بلا أدلجة أو تسييس!    خالد وهنادي يردان على تنبؤات ليلى حول طلاقهما ب«آية قرآنية»    150 وسيلة و 1500 إعلامي محلي ودولي في «ملتقى الحج»    سفراء "موهبة" يحصدون الجوائز    ماكرون يفرش السجاد لليمين المتطرف لدخول قصر ماتينيون    أكد على أهمية اتباع الإرشادات .. متحدث الصحة: ارتفاع درجات الحرارة أكبر تحدي في موسم الحج    10 نصائح من استشارية للحوامل في الحج    تحذير طبي للمسافرين: الحمّى الصفراء تصيبكم بفايروس معدٍ    «التهاب السحايا» يُسقط ملكة جمال إنجلترا    المملكة والريادة الطبية في فصل التوائم الملتصقة    كيف تتخلص من الألم..وتنضج ؟    «إنفاذ» يُشرف على 26 مزاداً لبيع 351 عقاراً    المملكة تملك مقومات صناعية متقدمة.. ومركز لوجستي عالمي    "الأمر بالمعروف" تشارك في حج هذا العام بمنصات توعوية متنقلة لخدمة الحجاج    الشؤون الإسلامية تحدد 1082 جامعاً ومصلى لإقامة صلاة عيد الأضحى بالشرقية    عبدالعزيز بن سعود يقف على جاهزية قوات أمن الحج    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على منيرة بنت محمد بن تركي    الموافقة على أفتتاح جمعية خيرية للكبد بجازان    المملكة تواجه انتهاكات حقوق الطفل بصرامة    منتجات فريدة للإبل تجذب أنظار زوار المعرض السعودي للسنة الدولية للإبليات 2024 في إيطاليا    لجنة الاستقطابات.. وتقييم التعاقدات السابقة    شركة مطارات الدمام تعقد ورشة عمل لتدشين 'خدمتكم شرف'    المشاهير والترويج للاحتيال    «الآسيوي» يشيد بتنظيم «مونديال» البلياردو في جدة    الحجّ.. مشهديّة آسرة    الديوان ينعى الأميرة منيرة بنت محمد بن تركي    وزير الإعلام يدشن "ملتقى إعلام الحج" بمكة    أمن الحج.. خط أحمر    إثراء يفتح باب التسجيل في مبادرة الشرقية تبدع بنسختها الخامسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زمان حشائش السافانا
نشر في الشرق يوم 19 - 08 - 2016

كل ما أخشاه، وربما يخشاه غيري كثير كذلك بأن تتم معالجة الخطأ بخطأ أشنع منه، ويتم الهروب من العنف إلى الأعنف، ويكون حالنا كحال المستجير من الرمضاء بالنار، خاصة أننا ننادي بالوسطية ونحن نمارس التطرف، فالذي ينصح الناس يحرص على أسلوب الزجر أكثر من الترغيب، والذي يحرص على رفض سياسة الصحويين بالنظر إلى الحياة يسعى لتمرير قناعاته من خلال التمييع والتبعية، وكل تيار أسوأ من الآخر في التعامل مع الحياة والمجتمع.
الأخطاء التي كانت تمارس من قبل بعض باسم الحرص على الدين، صار يتخلى عنها أصحابها باسم الحرص على الدين، والمتابع أو المتتبع لمثل هذه الانقلابات البهلوانية صار في حيرة من أمره، أين هو الدين في حقيقة الأمر، علمًا بأن الدين لم ينصّب سدنة للدفاع عنه، لأن الله الخالق أرسل الأنبياء والرسل للناس كافة، أما بشأن «علماء ربانيين» فأظن بأن هذه العبارة لم ينزل بها كتاب مقدس ولم تتبناها سنة نبوية شريفة، فحاله كحال «لحوم العلماء مسمومة» التي امتلأت بها رؤوسنا منذ الصغر، حتى ظننا بأنها حديث نبوي، لكننا اكتشفنا بأنه قول للعالم المسلم الجليل أبي القاسم علي بن الحسين بن هبة الله بن عساكر الدمشقي المتوفى في أوائل العقد السابع من القرن السادس الميلادي، في الحض على تقدير ذوي الفضل من العلماء وكبار الناس.
أجمل ما أحفظ من كلام بحق ما جاء في فضل العلماء بأنهم ورثة الأنبياء، حيث يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم «إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر»، وعلى ضوء هذا الحديث الشريف يتضح لنا بأن العلماء شديدو الصلة بأنبياء الله ورسله، والأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – قليلون مقارنة بعدد البشر الهائل الذي يفوق الملايين المملينة منذ أن خلق الله سبحانه البشرية إلى وقت انقطاع النبوة بقبض روح النبي محمد الشريفة – صلى الله عليه وسلم – وارتفاعه إلي الرفيق الأعلى، وعلى وفق هذا الأساس فإن هؤلاء الورثة للأنبياء أعدادهم قليلة مقارنة بأعداد من سواهم من البشر، لأن الناموس الرباني في تحديد مفهوم الأفضلية يقوم على مبدأ الأقلية «وقليل من عبادي الشكور» لأن الأكثرية في مقياس الخالق سبحانه مذمومة، فهؤلاء الأكثرية «لا يعقلون – لا يفقهون – فاسقون – جاهلون» وغيرها من الصيغ التعبيرية ذات الصلة بهذا الفهم التي جاء بها الذكر الحكيم.
المتأمل في حال الوضع هذه الأيام، وربما منذ ما يقارب الأربعين سنة خلت يجد بأن من يمنّي نفسه الاستظلال تحت مظلة «ورثة الأنبياء» أصبحوا يتكاثرون مثل تكاثر حشائش السافانا في المناطق الاستوائية، حتى أن كثيراً منهم اتخذ له منظرًا خاصًا به، ورحم الله الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور الذي قال عن سفيان الثوري «نثرنا الحَبَّ للعلماء فلقطوه إلا سفيان أعيانا»، علمًا بأن الخليفة كان يريد من العالم الجليل أن يتصدى للقضاء لِمًا توسّم به من علامات الصلاح والتقوى، ولم يطلب منه شيئًا لنفسه، فقد كان هدفه نبيلا، يريد منه القيام بمهمة عظيمة لمنع الظلم عن الرعية، لكن ورع الشيخ الجليل منعه من ذلك، مما أحدث هذا الرفض من وقوع الغضب في نفس الخليفة على الشيخ.
من هذه القصة يكتشف المتابع بأن الذين يلتقطون «الحبوب» المنتشرة على الأرض ليسوا ورثة أنبياء، بل هم لحشائش السافانا أقرب منهم إلى العلماء المستحقين للقب ورثة الأنبياء، «إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً» كما جاء في الحديث الشريف.
هذه المشاهد المهزوزة التي أجدها تحدث عند بعض عندما ينقلبون على مرجعيتهم «الصحونية» وينقلبون هذا الانقلاب الرافض لكل الممارسات السابقة التي كانوا يعملونها أو يتعايشون معها، يشير بأنهم لم يتربوا تربية حقيقية في مدرسة «ورثة الأنبياء» التي لا تعرف إلا العلم ولا تفكر في الدينار والدرهم، ولم يتكاثروا كما تتكاثر حشائش السافانا المنتشرة في المناطق الاستوائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.