شهدت استديوهات إذاعة الدوحة أول لقاء جمعنا سويا عام 1976، كان ذلك بعد عام واحد من حصوله على شهادة البكالوريوس بتقدير امتياز من المعهد العالي للموسيقى العربية بالقاهرة، ليجمع عبدالعزيز ناصر بين العلم والموهبة التي منحها الله له. توثقت علاقتنا منذ اللحظة الأولى للقاء، فقد كان – يرحمه الله – متواضعا ويتميز بحسن الخلق. فقد أجمع كل أصدقائه وحتى معارفه على أنه لم يتصرف أبدا منطلقا من نجوميته، بل كانت إنسانيته تتقدم كل تصرفاته. انسابت الدموع الساخنة من عيوني لدى سماعي نبأ وفاته صباح يوم الجمعة الماضي، فقبلها بأيام قلائل كنت أتحدث معه هاتفيا، كان حديثه مملوءا بآمال عريضة في إطار مسيرته الفنية الطويلة التي بدأت قبل 50 عاما تقريبا، وبالتحديد في فبراير 1966عندما أسس فرقة الأضواء مع مجموعة من الشباب القطري الموهوب وكان عمره لا يتجاوز ال 14 عاما. والأضواء كانت أول فرقة فنية تكونت من قسمين، قسم للمسرح وآخر للموسيقى، وساهمت في تنمية عديد من المواهب في مجال الغناء والمسرح على الساحة الفنية القطرية. ولعبت فرقة الأضواء دوراً كبيرا في تكوين وتأسيس مراقبة الموسيقى والغناء بإذاعة قطر عام 1968 حيث انضم عدد من أعضائها إلى المراقبة كموظفين رسميين. كان عبدالعزيز الناصر يرحمه الله وطنيا حتى النخاع يعشق وطنه قطر، ويحب كل ما هو خليجي ويتمسك بعروبته وإسلامه. وظهر ذلك جليا في شهادات التكريم والأوسمة التي حصل عليها قطريا وخليجيا وعربيا. ومنها وسام التكريم من قادة وملوك دول مجلس التعاون في مسقط عام 1989، وسام التكريم من مهرجان الخليج السابع للإنتاج الإذاعي والتليفزيوني بمملكة البحرين عام 2001، وسام التكريم من معهد حلب للموسيقى بسوريا عام 2002، الجائزة الذهبية من مهرجان القاهرة السابع للإذاعة والتليفزيون2001 عن أغنية (يا قدس يا حبيبتي)، وسام التكريم من المهرجان العاشر للإنتاج الإذاعي والتليفزيوني بجمهورية مصر العربية عام 2004. ولكن المرحوم كان يعتز كثيرا بجائزة الدولة التقديرية في مجال الموسيقى عام 2006. يومها شاركته شخصيا الاحتفال في الدوحة بحضور المئات من الفنانيين والمثقفين العرب، ليتحول الاحتفال إلى تظاهرة فنية كبيرة احتفاء بموسيقار قطر الموهوب الذي تخلد ذكراه بأنه ملحن نشيد القسم – يا قطر أنت الحياة – الذي اعتمد كأول نشيد وطني رسمي لدولة قطر عام 1996. رحم الله عبدالعزيز الناصر، فقد ترك بصمة واضحة لن تنسى في تاريخ الموسيقى القطرية والخليجية والعربية، وسيظل نجمه يتلألأ على مدى الأجيال.