إذا أردنا أن نكتسح أعماق فكر الإنسان علينا أولاً ملاحظة الجوانب المادية من حوله. وهذا الفكرة البسيطة ليست إلا دراسة لكشف الأبعاد النفسية والسوسيولوجية للإنسان، ولربما كذلك الأسلوب المعيشي من حياته الاقتصادية. فالإنسان في طبيعته يمر بعوامل انفصامية قد تكون عكسية أو طردية لكنها في معظم أحوالها متناقضة، وهذا النقيض دائماً يحمل عدة أوجه من الأسباب وأبرزها تكون أسبابا داخلية أي داخل النفس وأخرى تكون اجتماعية؛ وهي خارج محيطه العقلي. لكن الإنسان لا يتحرك وفق إرادته الذاتية وحسب؛ وإنما العوامل الخارجية المحركة له هي التي في الغالب تدفعه للنهوض من سكونه الذاتي. والذاتية لا تكون ساكنة دوماً وإنما داخلها حركة ساكنة وسكونها هذا هو مجرد امتصاص للظواهر الطبيعية الخارجية. فمتى اكتفت وتشبعت بأفكار، استطاع هذا الإنسان الحركة التلقائية التي تحاول إثبات ذاته عند الجماعة التي تحيط به. ومن برهاننا هذا نستطيع ملاحظة الشخصية عن بعد، سواء السوية أو غير السوية، خاصة غير المعتدلة في الحياة، وهي غالباً ما تكون شخصية الإنسان المجرم التي يتفئ منها الإرهاب بكل أنواعه. عندما نكتشف شخصية عدوانية في محيطنا الاجتماعي؛ علينا أولاً ملامسة الجذور التي انطلق منها شكلت جوهر إرهابه. وهذا الجوهر كان بالأساس حركة ساكنة، أي طاقة «جوانية» خاملة انطلقت من المؤثرات الخارجية، قد يكون مؤثرا إلكترونيا عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، أو تواصلا اجتماعيا محسوسا عن طريق الأقران. وضّحنا في المقال السابق أن المؤثرات دائما ما تكون في شحن الهمم والحماس في إيقاظ الشخصية وظهورها للعلن في إثبات ذاتها الاجتماعية. ومن هذه المؤثرات ما يدور رحاها حول القضية الإسلامية وما يعانيه المسلمون في أرجاء الأرض، ودائماً ما تكون هذه المسائل قومية لا شأن لها بالإسلام، ولكن بث الشائعات من أجل سلب طاقة الشباب وخروجهم إلى تلك الأماكن كالبوسنة والهرسك، وأفغانستان، وغيرهما من أماكن الصراع، التي أساس صراعاتها حول السلطة. فشخصية الإنسان دائماً واحدة ولكن لها عدة أوجه، بعضها يتسم بالمحبة والأخلاق الإنسانية وأخرى بالعدوانية والكراهية. وهنا نتساءل عن الشخصية الأساسية وهي جوهر الإنسان الناضج والمكتمل عقلياً وبدنياً، هل كانت محبة ومتسامحة، أم تحمل كثيرا من الاضطرابات النفسية التي لا تميز بين الخير والشر، وهذه الشخصية غالباً ما تكون مستهدفة لصالح المنظمات المشبوهة. ولكن قبل هذا كانت شخصية محمودة منذ فطرتها، ولكن هذه الفطرة معرضة للانتكاس إذا لم تجد من يحميها قبل سن المراهقة، وبالتالي تتحول للعدوانية والإجرام ويكون هذا الأسلوب بالنسبةِ له يعزز دور البطولة لديه وهو بناء الشخصية الصالحة التي يراها من منطلق أوهام قد تعايشها مسبقاً ووجدت فيما بعد الأرضية المناسبة لتعزيزها. هذه الشخصية تحتاج إجراءات مكثفة للعلاج ولفترات زمنية طويلة قد تتجاوز عشرة أعوام والبعد الكامل عن أي مؤثرات سلبية، أي تهيئة مكان مناسب لرجوع حالته الأساسية ومن ثم تأسيس شخصية جديدة قادرة على المشاركة الاجتماعية بنجاح وثبات يستفيد منها الوطن.