بين فترة وأخرى أُسأل سؤالاً محرجاً، وهو «كيف أكتب؟». ورغم مرور قرابة تسع سنوات قضيتها في الكتابة إلا أنني أقف حائرة للإجابة على سؤال مثل هذا، سؤال يتوقع القارئ أن يجد إجابته العلمية لدى الكاتب، لكنني لا أجد إجابة كافية سوى «اصقل موهبتك!». قد لا يجد القارئ الاستفادة من إجابة كتلك مع انتشار إعلانات لدورات الكتابة، دورات تعلِّم الناس الكتابة بالطريقة التي تُدرَّس في المدارس الثانوية، مثل: الأفكار الرئيسية والجزئية، والمقدمة والمتن والخاتمة، تلك المقالات المملة مثل هذا المقال ربما. لو سألت أي كاتب قصة شهير عن الفكرة، والعقدة في قصته، أو صاحب مقالات مميزة عن الفكرة الرئيسية والجزئية في مقاله، فستجد أن كليهما سيأخذ بعض الوقت ليعيد قراءة ما كتب من جديد. إن الكاتب أثناء الكتابة يكتب، ويسطر كلماته على الورق دون كتابة مدونة للفكرة الرئيسية والجزئية، قد يحدث ذلك أثناء كتابته لا أكثر. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يمكنك الكتابة وأنت لا تقرأ؟ بالطبع لا، وهذا هو أحد أسباب تدني مستوى الكتابة في الوطن العربي. أعرف كثيراً من الكتَّاب بدأوا في مجال الكتابة وهم لم يقرأوا شيئاً مهماً من قبل! لكي تحصد عليك بالزرع، وهذا يتم عن طريق القراءة، لكن أي قراءة؟ تلك القراءة السليمة العاقلة، الناقدة والنافذة، لا يهم كم تقرأ، بل كيف تقرأ، عليك أن تلاحظ كيف يكتبون، فتبني بعدها أسلوبك الخاص في الكتابة، الكتابة جهاد لا يتم إلا بالاجتهاد، ولكل مجتهد نصيب.