إن الاختلاف ظاهرة صحية، ولكن الخطورة أن ينشأ عن الاختلاف خلاف يشلّ التفكير أو يقود إلى ممارسة خاطئة أو قرار غير حكيم تترتب عليه آثار متعدية! تقول الأخبار: (أُسدل الستارُ على القضية أو الموضوع) عندما ينتهي إلى حلِّ أو يصل الأمر إلى منتهاه، وبالأمس القريب أسدل الستار على قضية المجلس المنتخب لنادي المنطقة الشرقية الأدبي بإعادة الحق إلى نصابه عبر حكم قضائي نافذ، أعاد المجلس المنتخب إلى مكانه الذي تم إبعاده عنه قبل سنوات بقرار خاطئ. جاء أمر معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي بتنفيذ الأحكام القضائية عاجلًا وعمليًا، وألغى بشكل واضح وصريح القرار الخاطئ الذي تسبب في إعاقة نادي المنطقة الشرقية لسنوات، وربما تسبب في إرباك الأندية الأدبية الأخرى، وأعاد المجلس المنتخب إلى مهمته، وتسليمه عهدة النادي من خلال لجنة مكونة بأمر من الوزير. إن تنفيذ الأحكام القضائية بتوجيه مباشر من معالي الوزير، يؤكد فتح الستار على مرحلة ثقافية جديدة في تعامل الوزارة مع الأندية الأدبية التي تضم نخبة من الأدباء والمثقفين – رجالًا ونساء – الذين يثرون الساحة المحلية بإبداعاتهم المختلفة، ويمثلون البلاد في المحافل العربية والدولية، ويؤكد أن الوزارة ستدعم في المرحلة المقبلة الأندية الأدبية بشكل خاص، وتبرز أنشطتها بما يليق بها كمؤسسات ثقافية مستقلة، وتقدم لها التسهيلات اللازمة التي تمكنها من القيام بدورها المنوط بها، وتعينها على تحقيق أهدافها؛ لتكون رافدًا من روافد الثقافة في البلاد، ومنهلًا يتوجه إليه الشباب من الجنسين؛ لينموا مهاراتهم الثقافية والأدبية، ويتفاعلوا مع أعلام البلاد المبرزين، ويطلعوا على أنشطة الأدبية المختلفة، ويشاركوا فيها بشكل مباشر. هنأت الأستاذ محمد بودي – رئيس نادي المنطقة الشرقية الأدبي – بتنفيذ الحكم برسالة قصيرة في فجر الإثنين الماضي، وفي مساء ذات اليوم بادرني باتصال هاتفي، فهنأته وباركت له العودة لرئاسة النادي، ووجدته يشتعل حماسًا للنهوض بالنادي مع زملائه في مجلس الإدارة، وبتعاون أعضاء الجمعية العمومية، ووعد بالعمل الجاد من أجل تعويض السنوات الماضية التي أبعد فيها المجلس المنتخب عن إدارته، وسرني كثيرًا تأكيده العمل على استحداث لجان ثقافية في محافظات المنطقة الشرقية، وتنظيم النسخة الثانية من ملتقى دارين الثقافي، ومن ملتقى الكتاب السعوديين، والإعلان عن عدد من الجوائز التشجيعية لدعم المواهب الشابة، وحرصه على ربط النادي بالمجتمع، وتوسيع دائرة نشاطه، وتأكيده على أهمية الدور الذي قام به مجلس الإدارة المكلف – في المرحلة الماضية – برئاسة الأستاذ خليل الفزيع، وأنه مع زملائه في مجلس الإدارة المنتخب – العائد – يعملون بجد على إتمام الأعمال والمشاريع والبرامج التي بدأها الفزيع وزملاؤه والبناء عليها باعتبارها إنجازات للنادي، بخاصة مبنى النادي الذي سيتيح له القيام بدوره الحقيقي، ويمكنه من تحقيق رؤية أعضائه، وتحقيق أهدافه، وتطلعات أبناء المنطقة الشرقية. لقد كان محمد بودي – خلال أربع سنوات – أمام تحد صعب جدًا، وهو يتابع قضيته – قضية الثقافة – في أروقة المحاكم، وصبر صبرًا شديدًا على إجراءاتها ومواعيدها المتباعدة، وضرب مثلًا رائعًا في دفاعه عن حقه في إعادة مجلس إدارة نادي المنطقة الشرقية الذي ناله مع زملائه عبر صندوق الانتخاب، ومنافحته المستمرة عن الثقافة، وسلك في مطالبته الطريق الرسمي من خلال مؤسسة القضاء؛ لإعادة الحق إلى نصابه، ولم يغفل أثناء تلك الفترة أهمية دور الإعلام في عرض قضيته التي ملأت صفحات الجرائد ووسائل الإعلام، وسعى بوعي جازم لإلغاء القرار الخاطئ الذي تسبب في التعدي الصارخ على الثقافة، وأبعد بسببه مجلس الإدارة المنتخب عن مكانه، وأزيح عن مهمته لسنوات عديدة كانت كفيلة بإنجازات ثقافية متميزة وكثيرة في المنطقة الشرقية! في الأسبوع الأخير من عام 1433 ه صدر القرار الوزاري بتشكيل مجلس إدارة نادي المنطقة الشرقية الأدبي، وهو القرار الذي أبعد بموجبه مجلس الإدارة المنتخب، وقد سبقه حكم في غرة ربيع الأول من ذات العام بإعادة المجلس المنتخب، وتمت المصادقة عليه من محكمة الاستئناف الإدارية، وأعقبه حكم آخر في عام 1435 ه وتم تأييده من محكمة الاستئناف، وهو ما يؤكد أن الإجراءات القضائية قد استغرقت عامين كاملين أو أكثر. لقد تأخرت الوزارة في تنفيذ الأحكام القضائية مدة ليست بالقصيرة، ويحسب لمعالي الوزير الجديد قراره الواضح بتنفيذها بهذه الصورة الدقيقة والمشرفة! وقفة: خير الخصوم هو الخصم العاقل، وقد كان الأستاذ محمد بودي خصمًا عاقلًا، كان كذلك في عرضه لقضيته، وفي متابعتها، والدفاع عنها، وكان كذلك في قبوله الحل الذي عرضه القاضي باعتذار مكتوب من وكيل الوزارة للشؤون الثقافية، وتنازله عن حقه الشخصي بعد ذلك الاعتذار الصريح!