يعد المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي تنظمه وزارة الحرس الوطني في الجنادرية كل عام، مناسبة تاريخية في مجال الثقافة ومؤشراً لعمق الدلالة على الاهتمام بالتراث والثقافة والتقاليد والقيم العربية الأصيلة، كما يعد مناسبة وطنية تمتزج في نشاطاتها عبق التاريخ المجيد بنتاج الحاضر الزاهر، ومن أهداف المهرجان تأصيل الموروث الوطني المتمثل في الصناعات اليدوية والحرف التقليدية واللوحات الفلكلوريّة الفنيّة بهدف ربطها بالواقع المعاصر والمحافظة عليها وإبرازها لما تمثله من إبداع إنساني تراثي عريق، فهي ميراث حضاري يشكّل جزءا من تاريخ البلاد وتاريخ الإنسان السعودي، ومنذ انطلاقة المهرجان في عام 1405ه / 1985م وهو يلقى القبول والحفاوة من الناس، وتمثّل ذلك في الأعداد الكبيرة التي تقصده؛ حيث قد يصل عدد الزوّار اليومي وفق الإحصاءات الرسمية إلى أكثر من مليون زائر، وفي عام 1435ه بلغ إجمالي عدد الزائرين أكثر من 10 ملايين خلال فترة المهرجان، فهذه الأعداد بالإضافة إلى الجهود الكبيرة المبذولة من الجهات الحكومية المشاركة تعطي مؤشرا على نشاط سياحي وثقافي وفني يحظى باهتمام رسمي وشعبي. وفي الوقت ذاته؛ يلقى المهرجان ممانعة من (تيار المحتسبين)، معتمدين على فتاوى تصف المهرجان ب(العيد الجاهلي البدعي)، معتمدين على بيانات استنكار جماعية للنشاط الثقافي وللغناء والموسيقى والاختلاط، هذه الممانعة وصلت لتنظيم حملات الاحتساب العملي، هذا في ظل وجود جهاز هيئة الأمر – الرسمي – الذي لا يرقى عمله لطموحاتهم وتطلعاتهم، والمتابع للمعترضين يجدهم ذاتهم المحتسبين في معرض الكتاب والمعارضين لقيادة المرأة للسيارة والابتعاث، ويبدو أن هذه الممانعة أخذت في التنامي والازدياد بسبب حنقهم في عدم استجابة الناس لفتاواهم ولدعاوى المقاطعة، بالإضافة إلى عدم استجابة المسؤولين لمطالبهم الصريحة بإلغاء المهرجان. من حق أي شخص أن يطرح رأياً ويقدم وجهة نظر أو أن يتخذ موقفا شخصيا؛ لكن ليس من حقه أن يصادر أصوات الآخرين، وليس له أن يقدح في دين الناس أو يشكك في عقيدتهم وأخلاقهم لمجرد عدم استجابتهم له، والحضور للمهرجان هو أمر اختياري فمن حق الناس الحضور والاستمتاع والاستفادة، ومن حق المعترض عدم الحضور وليس لأحد أن يصفه بالجهل والتخلف.