قد نتساءل ذات يوم بداخلنا ما هي الطريقة المثلى للحياة؟ هل هناك وصفة سحرية لحياة مثالية؟ وإذا كانت الإجابة افتراضاً نعم، هل يمكن تعميمها لتكون صالحة للجميع؟ هل الحياة التي نعيشها تجربة فردية أم جماعية؟ فإن تكن تجربة فردية يعني أن ما يناسب أحدهم قد لا يناسب غيره، أما إن تكن تجربة جماعية فإن ذلك يقتضي قوالب محددة سلفاً يتقولب الجميع داخلها ليحققوا معادلة الحياة المثالية.. ثم مهما كنت ذكياً وحكيماً ومجتهداً ومميزاً، هل هناك سبيل لتجنب حتميات الحياة التي لابد أن يمر الجميع بها من مرض وألم وحزن وموت! هل الأفضل أن تتزوج صغيراً أم كبيراً؟ أن تنجب قليلاً أم كثيراً؟ أن تعمل في وظيفة حكومية أم في قطاع خاص أو تخوض غمار العمل الحر؟ أن تعيش في المدينة أم القرية؟ أن تسكن مع أهلك أم أن تستقل في سكنك؟ يقول الدكتور علي الوردي فيما يخص التجربة «لقد علمتنا التجارب أنّ كلّ شيء مهما بدا في نظرنا سخيفاً قد يكون صحيحا في يوم من الأيام عندما تتبدّل المقاييس الفكريّة الّتي اعتاد الناس عليها في تفكيرهم». يقدم بعضهم لنا إجابات جاهزة لحل معادلة الحياة باعتبار أن الناس متماثلون في تطلّعاتهم، ولكن هل تعتقد أن بشراً مثلك – من لحم ودم – يستطيعون سبر أغوار نفسك ومعرفة رغباتك وأمنياتك أكثر مما تعرفها أنت؟ أم أنهم يعممون ما يناسبهم معتقدين بأنه ملائم لغيرهم؟ ثم أين دورك الفاعل في تحديد مصيرك؟ أم أن اتخاذ قرارات حسب ما يبّشر به الآخرون يسهل عليك عملية البحث ويسقط عن كاهلك ثقل الفشل أو النتائج المتواضعة؟ فإذا أخفقت فلا أيسر من أن تتخذهم شمّاعة تعلّق عليها المسؤولية والأسباب.. ربما وجدنا أنفسنا في لحظة ما متورطين في فخ «خيارات» لا تنبع من صميم أنفسنا لكننا أقبلنا عليها وفقاً لمسار التيار والأغلبية الذين لا نود أن نكون شاذين أو غريبين عنهم. أنا شخصياً اتخذت خيارات فرضها علي التفكير الجمعي، والتسليم الساذج بأن الآخرين يعرفون مصلحتي أكثر مما أعرفها أنا. أما إذا نجوت من هذه المصيدة فأنت بلا شك متميز، على الأقل أنت من يدير حياتك وأنت من يمتلك بوصلة الاتجاه وزمام الأمور. الحقيقة أن الحياة لا تتواطأ مع أحد، فما يسعد غيرك ويبهجه قد يكون ما يشقيك ويقض مضجعك، وفي ذلك عدل الموازين الإلهية. ربما هناك أطر عامة وحد أدنى من القوانين الصالحة لكل زمان ومكان مثل القيم التي تحث على الاعتدال والكرم وطلب العلم والإنصاف، لكنها تعطي توجهاً عاماً وليس خريطة تفصيلية. هي بمنزلة خطوط عريضة تترك لك حرية ملء تفاصيلها لترسم لوحة حياتك بالطريقة التي ترتضيها لنفسك. قانون الحياة هو ما تختاره أنت لنفسك، أما ما يمليه عليك سماسرة الحياة – إن لم يكن ملائماً لك – فلا يعدو كونه محض هراء.