اتصل بي صديق، باغتني بسؤال: هل أنا «أُفشِّل»؟ فقلت وبشيء من الاستغراب: بالطبع لا، وإلا لما اتخذتك صديقاً. فردَّ قائلاً: ابنتي وصفتني بذلك. فقلت: لابد أنك فعلت سلوكاً مشيناً، أو وبَّختها أمام قريناتها، ولا أعهدك كذلك. فبادر بالقول: كل ما في الأمر أنها سألتني: بابا هل تعرف ليوناردو ديكا بيرو؟ فقلت لا. فقالت: هل تعرف دينزيل واشنطن، وأنجلينا جولي. فأجبت بالنفي. واستطردت: إذاً لابد أنك تعرف جاستن بيبر. فأومأت برأسي بجهلي به مطلقاً، فامتعضت متندرة قائلة: «شي يفشل». فقلت للصديق ضاحكاً: وماذا فعلت؟ فعاجلني قائلاً: أبداً قلت لها هل تعرفين الصحابي الجليل صهيب الرومي؟ فأجابت لا. فقلت: وماذا عن الصحابي عبدالله بن مسعود؟ فردَّت: لم أسمع به. فقلت: بالتأكيد لن تعرفي الصحابي جعفر بن أبي طالب، ولا الأرقم بن أبي الأرقم، رضوان الله عليهم. فأجابت: نعم لا أعرفهم. فقلت لها: يا ابنتي هذا هو العيب عينه، فهؤلاء الصحابة الأجلاء، وغيرهم كثيرون تربينا على سيرهم، واستلهمنا قيمهم وأخلاقهم ومآثرهم، أما مَنْ تحدثت عنهم، فهم بالتأكيد لا يمثلون إلا أنفسهم، مهما كبرت شهرتهم، ووصلت إلى عنان السماء. انهمرت الدموع من عينيْ ابنتي، وأبدت أسفها، وقبَّلت رأسي نادمة قائلة: أنا فعلاً على ضلال، سامحني يا أبي. انتهى. أقول لابنة صديقي: المشكلة ليس فيكِ وحدكِ، بل هي في جيل، وربما أجيال آتية، تتخذ من هؤلاء المشاهير «أقنومات»، يقتدون بها، وينسون، لا سمح الله، مَنْ كان لهم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في تكريس تعاليم ديننا الحنيف، وترشيد سلوكنا. يا له من أسى وأي أسى.