أحياناً يكون الجمال عيباً، خصوصاً حين يكون صارخاً يلفت الأنظار في محيط الصامتين، وأحياناً يكون الكمال نقصاً، خصوصاً في محيط الناقصين المكتئبين، هكذا يقول قريباً من هذا القول أبو العلاء المعري، وقبله تفنن في مثل هذه المعادلات النفسية الشاعر «النفسية» أبو الطيب المتنبي. ولأن الحديث عن الرومانسية، فإن المقطع الأكثر تداولاً بهذا الشأن في هذا العصر وفي هذا المحيط من المكان، مقطع شاب يستمع لإذاعةٍ محلية ينقل من خلالها حديث المذيع مع المتصلين الذين يتحداهم بأن يقولوا كلمات جميلة لزوجاتهم، وعلى الهواء مباشرة، فيما تعليقات الشاب المنتقد تستنهض الغيرة والحماسة في نفوس المتابعين الذين تركوا مثل هؤلاء المذيعين ومثل هذه الإذاعات تعبث في الأعراض وتستحيي النفوس الحية المحتشمة في كل مكان. انتشر المقطع انتشارَ نارٍ في هشيم، وانتشار الأخبار عادة يستنهض القرار، وأحياناً في حالتنا هذه يستبق القرار بقرار، سارعت إدارة الإذاعة المحلية المنطلقة من جدة بإيقاف برامج المذيع علاء المنصري وربما تسريحه لتهدئة النفوس الغاضبة التي ينطق بغضبها كلام المغردين في مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أن القناة المعنية ليست في حاجة لإثبات حسن النية وهي التي تقدم يومياً وجبات إذاعية هادفة دينية وأخلاقية مقارنة ببقية القنوات الإذاعية المعدة للترفيه. الزميل العزيز بندر الحميد أثار مجدداً القضية وتناولها في مواد صحفية، وهو الأمر الذي يثير الشهية للدفاع عن المذيع المنصري لا عن كل تصرفات هذا المذيع، كلنا مع الحشمة وحفظ الأخلاق، وكلنا كذلك مع التنوع الذي أوجده الله في هذه الأرض، فالبيئة التي تملك القدرة على إظهار الجمال تجسيداً وتعبيراً لا تشبه تلك المستورة عرفاً وديناً، وفي كلتا البيئتين من الخير كثير والشر المستتر ما الله به عليم. ختاماً، ليس علاج الشيء بتره، وما حصل لمذيع يملك حضوراً جميلاً على الأثير كالمنصري، لن يخدم الإذاعات الناشئة، كما أن أسلوب بعض المهاجمين لهذا الشاب لأسباب أخرى غير إعلامية هو أبعد ما يكون عن الأخلاق التي يدّعون الدفاع عنها، وأخيراً كما قال المسيح عليه السلام لجالدي المرأة المتهمة: من كان منكم بلا خطيئة فليرمِها بحجر.