شدد سفير روسيا الاتحادية لدى الرياض، أوليج أوزيروف، على استعداد بلاده للعمل يداً بيد مع المملكة من أجل القضاء على الإرهاب الذي يُروِّع الناس، فيما حدد ثلاثة أهداف للحملة الجوية التي بدأتها موسكو في الأجواء السورية الأربعاء الماضي وهي مكافحة المتطرفين ومنع انهيار كيان الدولة و»الحفاظ على مصالحنا الوطنية خصوصاً مع انخراط عددٍ كبيرٍ من مواطنينا في القتال هناك؛ لذا لا نريد عودتهم». وأكد أوليج أوزيروف الانسجام التام بين موقفي الرياضوموسكو في موضوع مكافحة الإرهاب، مُنوِّهاً بالدور السعودي في محاربة الفكر الضال. وأشار في الوقت نفسه إلى تشارُك العاصمتين الرؤية بشأن حل سياسي في سوريا يستند إلى بيان جنيف الأول، منبِّهاً إلى أهمية تجنب تكرار ما وقع في ليبيا والعراق من انهيارٍ للدولة حتى بات الوضع في هذين البلدين أسوأ مما كان عليه قبل إسقاط النظام الحاكم فيهما. وبعد ساعاتٍ من بدء الحملة الجوية الروسية الأربعاء؛ تواصلت «الشرق» مع السفير وحاورته. وهو -كما يقول- أحد قرَّائها ويطالعها كل صباحٍ في مكتبه. وأبلغ السفير الصحيفة باطِّلاعه على الفيديوهات التي وردته من وزارة الدفاع في بلدِه عن الحملة الجوية، وأكد أنه لا أدلة حتى الآن تثبت استهداف مقاتلاتها مواقع تخلو من وجودٍ لتنظيم «داعش»، مُعرّفاً «الإرهابي» على أنه كل من يقطع الرؤوس ويدمِّر المعالم الحضارية ويحاول تدمير أي بلد أو أي شعب. في الإطار ذاته؛ ذكَّر أوزيروف، بما سمّاها «الأسس السليمة للعملية السياسية الجديدة» وهي إيجاد حل يحفظ لسوريا تماسكها ويؤمِّن لشعبها حياةً كريمة، مبدياً ارتياحه لوصول عددٍ من معارضي الأسد، بينهم أعضاء في الائتلاف، إلى موسكو عدة مراتٍ هذا العام؛ حيث أجروا مشاورات سياسية مع المسؤولين هناك وتحدثوا عن المستقبل والتسوية. ووفقاً له؛ فإنه لا يمكن لبلاده أن تقف وتتفرج دون مبالاةٍ على ما يفعله المتطرفون كونهم ينتشرون هنا وهناك ويحتلون مواقع جديدة. وإلى نص الحوار: تدخلنا للقضاء على مخاوف العالم من الإرهابيين، إنهم لا يهددون الشرق الأوسط فحسب بل يهددون العالم بأسره، هذا واضح. في الوقت نفسه؛ نحن دولة لها مصالح وطنية في مناطق ودول مختلفة من بينها سوريا، ونلاحظ أن جزءاً من الإرهابيين الذين نستهدف القضاء عليهم أتى من بلدنا، إنهم مواطنون روسيون؛ لذا لا نريد السماح لهم بالعودة، ونعمل على تحقيق ذلك. بصفةٍ عامة؛ أتينا لنسهم في اجتثاث الإرهاب بكافة أشكاله وتنظيماته. الهدف الأساسي هو القضاء على تنظيم «داعش» والمنظمات المتطرفة المشابهة له في المنطقة للحفاظ على أرواح الأبرياء، كي لا تُقطَع رؤوسهم ويتعرضوا للحرق، ولأجل ألا تنهار سوريا كبلدٍ بالكامل. نحن هناك حتى تبقى سوريا ويبقى شعبها. الإرهابيون وصلوا إلى الأراضي السورية بأعدادٍ كبيرة، كثيرٌ منهم قَدِموا من روسيا والولايات المتحدة ودول أوروبا. إنهم الآن يقطعون الرؤوس ويقتلون الأطفال ويدمرون الأحياء والمعالم التاريخية. لذا نسأل: هل يُراد لنا أن نقف ونتفرج دون مبالاة على ما يفعلونه؟ مع ملاحظة أنهم ينتشرون هنا وهناك ويحتلون مواقع جديدة، وهذا يقلقنا دون شك، خصوصاً أن نتائج عمل التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب لم تصل إلى المأمول بعد. وللعلم أهدافنا مشتركة ومتطابقة، والولايات المتحدة قالت مؤخراً عبر وزير الخارجية جون كيري إنهم يريدون رحيل بشار الأسد لكن ليس الآن، وهو ما يؤكد تشاركنا في الأهداف. نحن لا نقتل مدنيين أبرياء، من يقولون بذلك يريدون لنا أن نتخلى عن هدفنا الرئيس وهو تدمير إمكانيات «داعش» والمنظمات الإرهابية القريبة منه. بعض العناصر داخل سوريا تروِّج عكسَ ذلك، وهو ما لا علاقة له بالحقيقة. نحن نقوم بنفس ما يقوم به التحالف الدولي؛ تدمير إمكانيات الإرهابيين وتفادي انتشار سرطانهم في الشرق الأوسط وتفادي الانهيار الكلي لسوريا. وأنا مقتنع تماماً أنه لا يمكن أن نقصف المناطق التي لا يوجد فيها إرهابيون، وليس من أدلةٍ تثبت أن طائراتنا استهدفت المدنيين. هذه شائعات مقصودة، وأنا أسأل: لماذا لا تكون هذه الغارات التي يتحدث عنها البعض من تنفيذ النظام السوري نفسه؟ نحن نسعى إلى منع دولة سوريا من الانهيار الكامل، لا نريد تكرار ما حدث في العراق وليبيا، لقد دُمِّرَت الدولة هناك بعد تغيير النظام، والسؤال هل كانت الأنظمة البديلة أفضل؟ هل يرى أحد أن الوضع هناك بات أفضل من سابقه؟ لا أعتقد ذلك. أنا أؤكد أن موقفنا ثابت من أجل بقاء الدولة وبقاء الشعب السوري على قيد الحياة. ونحن متمسكون بهذا الموقف من أجل الانتصار على التطرف؛ لذا فإن من غير المنطقي أن يصدِّق أحدُ إصابة الطائرات الحربية الروسية أهدافاً مدنية. هذا يتناقض مع المنطق الإنساني، فهدفنا هو إنقاذ الشعب من السرطان الإرهابي ممثَّلاً في تنظيم داعش. والفيديوهات التي وصلت إليَّ من وزارة الدفاع الروسية تشير إلى استهدافنا التنظيم، إذا أنت لم تصدق عينيك؛ ستصدق من؟ هناك هجوم منظم ضد سياساتنا ووجودها في الشرق الأوسط من أجل القضاء على الإرهاب. كل من يقطع الرؤوس ويدمر الآثار، كل من يحاول تدمير سوريا أو أي بلدٍ أو أي شعب فهو إرهابي، نحن ضد هؤلاء وسنتمسك بموقفنا -الذي عبرنا عنه منذ البداية- لإلحاق الهزيمة بهم، ثم نبدأ عملية سياسية جديدة على أسسٍ سليمة. الرئيس فلاديمير بوتين دعا الحكومة في دمشق إلى مرونة حقيقية مع المعارضة وإلى التوصل إلى حل يحفظ لهذا البلد تماسكه وحياة كريمة لشعبه. وللعلم هذا الموقف معلن، لكن هناك من يتعمد ألا ينشر إلا جزءاً من المعلومة وألا ينشر الموقف الحقيقي لروسيا. ما يُردَّد عن بلدنا في هذا الإطار شائعات غير صحيحة وبعيدة عن العقل، نحن واضحون، نرفض تقسيم سوريا وتدميرها بأي حجة كانت، أنا أحب دائماً أن أتحدث عن وقائع لا شائعات، روسيا تفعل ما تقول، لا نقول شيئاً ونفعل آخر. نحن على علاقةٍ بهم، عدد كبير منهم ومن أعضاء الائتلاف زاروا موسكو أكثر من مرة هذا العام، بحثنا معهم مستقبل بلدهم وتحدثنا عن تسوية سياسية تستند إلى اتفاقية جنيف1. يجب أن أشير أيضاً إلى المملكة العربية السعودية، التي تؤيد تسوية سياسية بناءً على «جنيف1». والكل يعرف أن تنظيم «داعش» الإرهابي هو عدو مباشر للمملكة. نحن (السعوديين والروس) لدينا أهداف ومصالح مشتركة، نريد أن نجتث معاً الإرهاب، ونحن على جاهزية لأداء هذا الدور يداً بيد مع المملكة التي تحارب هذا الفكر الضال الذي يرهب الناس.