فقدت الساحة الثقافية يوم الإثنين الماضي الشاعر والكاتب الإماراتي أحمد راشد ثاني، لم يكن أحمد مجرد شاعر عابر في حياة أي واحد منا، فقد كان يترك آثره في حياة أصدقائه ويترك له بصمة لمجرد التعرف عليه. لم أكن من الجيل الذي تعرف على أحمد في الثمانينات حيث الزخم الشعري، والمربد والضجيج الذي كان يملأ الساحة الثقافية المحلية منها والعربية، وجميع من كانوا قريبين من أحمد يجمعون على شفافية قلبه المنعكسة على إبداع لم تره المطابع حتى الآن. في المرة الأولى التي التقيته فيها عندما شاركنا يوم الشعر العالمي في أدبي الشرقية (مايو 2010)، وفي تلك الأمسية التي شاركه فيها زاهر الغافري وفوزية السندي، كان أحمد الأكثر تواضعا ما بعد الأمسية. يذهب بعيداً بذاكرته فيبحث عن أصدقاء يذكر بأنه قاسمهم العيش في الثمانينات لكنهم اليوم لم يفكروا بإلقاء التحية عليه سواء في حضور الأمسية أو مهاتفته خلال الأيام التي أقامها في الدمام. تعرف على جيل جديد من الناس وكان يتجول بين الأمكنة في الأحساء ذاكراً من عبروا معه جحيم الأمكنة. وبنقاء روحه كان يلقي الأعذار لهم « الكل أصبح منشغلاً بين طفل يصرخ، أو كهل يحتضر». وفي زيارتي الأخيرة قبل عام إلى أبو ظبي، ترافقنا كثيراً حيث الأمكنة والشوارع ومكتبته المنزلية، لأرى بأن أحمد خلال عام واحد طبع ما يزيد على ستة أعمال شعرية، وسردية، وكتب مازالت على الورق. ووجدته يمتلك ما يزيد على ثلاث مخطوطات شعرية، ومخطوطتين من كتب الرحلات التي كان يعمل عليها بشغف، وثلاث أو أربع كتب أخرى متفرقة عن الأدب والفن. لم تكن حياة أحمد شاغرة للحظة واحدة ، كان يستقل الوقت وكأنه يعلم بأن قلبه سيتوقف قريباً. لا يمكنك أن تنسى ضحكته المميزة، أو طريقته في إلقاء التحية وتفقد الأصدقاء إذا غابوا . خمسون عاماً مليئة، أنتجت ذاكرة خالدة في نفوس من عرفوه. ولعلي أختم بما كتبه الكاتب والأديب الإماراتي حبيب الصايغ (لن أستوعب موتك يا أحمد راشد ثاني فهذا شأني، حتى لو استوعبت أنت موتك، فهذا شأنك).