ارتفع إلى أكثر من 125 ألفاً عدد السعوديين المبتعثين في الولاياتالمتحدة، ما يعكس تطور التعاون العلمي السعودي الأمريكي. وبدأ ابتعاث الدارسين السعوديين إلى الولاياتالمتحدة في منتصف القرن الماضي، إذ تخرجت في عام 1952م دفعة سعودية في الجامعات الأمريكية تضم 9 طلاب فقط؛ 3 يدرسون البكالوريوس و6 يدرسون الماجستير. ويختلف المؤرخون حول بدء الابتعاث السعودي إلى الدول الغربية، ويعدّ كثيرٌ منهم عام 1936 بدايةً للابتعاث الرسمي إلى أوروبا. أما أول بعثة تعليمية سعودية إلى الخارج فيعود تاريخ إرسالها إلى عام 1935م، وكانت تضم 14 دارساً ذهبوا إلى مصر بأمرٍ من الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، لتتلاحق بعدها البعثات إلى لبنان وبعض الدول العربية. وكانت المملكة أطلقت الابتعاث الخارجي للدول العربية في عام 1927م، وشكَّل الملك المؤسس لجنة لدراسة المشروع ووضع خطوطه الرئيسة لتُعرَض النتائج عليه بعد ذلك. ووفقاً للملحقية الثقافية السعودية في الولاياتالمتحدة؛ ارتفع عدد المبتعثين والمبتعثات هناك إلى 125.513 ألفاً في الوقت الحالي هم 57.303 مبتعثين و17.902 مبتعثة و8807 مرافقين وملحقين بالبعثة التعليمية و31.997 مرافقاً غير دارس و9504 دارسين على حسابهم الخاص. وكان أول وزيرٍ للبترول والثروة المعدنية في المملكة، عبدالله بن حمود الطريقي، هو أول مبتعث سعودي للدراسة في الولاياتالمتحدة بتاريخ 1367ه/ 1947م، وأعقب ذلك بعام تحويل بعثة 30 طالباً سعودياً من طلاب شركة «أرامكو» من الجامعة الأمريكية في بيروت إلى جامعة تكساس الأمريكية. وفي عام 1371ه/ 1951م؛ افتُتِح أول مكتب ثقافي للإشراف على المبتعثين السعوديين في أمريكا ليكون رابطاً مع المملكة في الأمور الثقافية والتعليمية والعلمية. وأُلحِق المكتب في البداية بمندوبية المملكة لدى الأممالمتحدة في مدينة نيويورك، وانحصرت مسؤولياته في الإشراف المالي والاجتماعي على عددٍ محدودٍ للغاية من المبتعثين، ولم يُعتدَّ به كأول مكتب رسمي إلا بعد انتقال تبعيته من المندوبية إلى وزارة التعليم التي كانت تُسمَّى المعارف آنذاك. وعدَّ المختصون في مجال التعليم مطلع محرم من عام 1376ه/ ال 7 من أغسطس من عام 1956م التاريخ الرسمي لافتتاح أول مكتب ثقافي في تاريخ الابتعاث السعودي إلى الولاياتالمتحدة، وأُطلِق عليه المكتب الثقافي السعودي في نيويورك. وشَهِدَت هذه الفترة تضاعُف أعداد المبتعثين السعوديين إلى الجامعات الأمريكية ليصل عددهم في عام 1974م إلى 800 مبتعث، ولم يمض ذلك العام حتى قفز العدد بصورة غير مسبوقة إلى نحو 2039 مبتعثاً. ودفعت هذه الزيادة إلى إعادة النظر في آلية الإشراف على الطلاب وبحث إنشاء مكاتب فرعية للمكتب الثقافي مع نقل إدارة الإشراف على هذه المكاتب إلى وزارة التعليم العالي بدلاً من وزارة المعارف. وانتقل المكتب الثقافي في نيويورك بعد ذلك بعامين إلى مدينة هيوستن، كما أصدر مجلس الوزراء في المملكة قراراً بإنشاء 8 فروع له كُلِّفَت بالإشراف العلمي والاجتماعي والمالي على الطلاب المبتعثين وأُسرِهم في مناطق تجمعهم. ووُصِفَ المكتب الفرعي الذي تم افتتاحه في لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا عام 1398ه بالبداية الفعلية لتجربة إنشاء هذه المكاتب. أما عام 1400ه فمثَّل بداية الذروة في تاريخ الابتعاث السعودي إلى الولاياتالمتحدة، حيث تجاوز عدد المبتعثين لدى المكتب التعليمي في هيوستن آنذاك 11 ألفاً، وكان ثلث هذا العدد من الإناث في سابقةٍ أولى من نوعها. وفي عام 1408ه؛ استُحدِثَت الملحقية الثقافية السعودية في واشنطن ومارست مهامها بأسلوبٍ يتماشى مع سياسة تركيز المسؤولية على جهة رسمية واحدة، وُمنِحَت الصلاحيات التي مكَّنتها من تمثيل المملكة ووزارة التعليم العالي والجامعات السعودية وجهات الابتعاث المختلفة تمثيلاً مناسباً. وعاد إلى البلاد في غضون 4 أعوام من هذا التاريخ 5436 خريجاً منهم 519 حصلوا على درجة الدكتوراة. وبعد أقل من عقدين؛ بدأ منعطف مهم في تاريخ العلاقات العلمية بين البلدين، إذ أعلنت الرياض في عام 2005 بدء برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي ووضعت ضوابط لتذليل العقبات أمام السعوديين الراغبين في دخول أمريكا بما في ذلك الطلاب الذين يرغبون مواصلة تعليمهم فيها. وكانت نواة برنامج خادم الحرمين للابتعاث في الجامعات الأمريكية، وامتد لاحقاً ليشمل دولاً عديدة. وخلال العام الجاري؛ رشح البرنامج 10 آلاف و491 طالباً وطالبة للقبول في مرحلته العاشرة، وهو أعلى عدد منذ إطلاقه.