من خلال تجربتي في العمل بالإيفاد والابتعاث بإدارة منطقتي وجدت أن المتقدمات يتفاوتن في الخبرة وفي الكفاءة وحتى في القدرة على تنظيم أوراق التقديم للدراسة. فهناك متقدمات يلاحظ أن الذكاء والتميز والرغبة في العلم للعلم تشع من عيونهن، وهناك العكس تماماً، ولذلك المعلم أو المعلمة الذي يتقاضى من الدولة راتباً شهرياً 10000 ريال فإنه يكلف الدولة لكي يكمل دراسته العليا 120000 ريال في السنة الواحدة، ثم تصبح التكلفة في ثلاث سنوات 360000 ريال، وهذه تكلفة راتبه الذي يتقاضاه وهو متفرغ للدراسة دون عمل لمدة سنتين لدراسة الماجستير وله حق التمديد سنة ثالثة، وإذا كان راتب الموظف 15000 ريال شهرياً فإنه يكلف عند التفرغ أكثر من نصف مليون ريال، والدكتوراة أكثر وأكثر، وأترك لكم الحساب، لا أعلم هل هناك تكاليف مالية تشترطها الجامعات على الوزارة لالتحاق المعلم بها أم لا؟ أما الابتعاث فتكاليفه باهظة والحديث عنه يطول، ألا تستحق هذه التكلفة أن يصبح الإيفاد (الدراسة داخل الوطن) والابتعاث (الدراسة خارج الوطن) منحة للمتميزين فقط علمياً وعملياً، وتكون بشروط وضوابط قوية لا تسمح باختراقها وتفصيلها على المقاسات والمزاجات؟ وبعدها من أراد مواصلة دراسته من العامة فإنه يطلب الدراسة في فترة مسائية أو في إجازة دراسية أو في إجازة استثنائية ويواصل دراسته العليا دون تكلفة على الوزارة. وذلك المتميز عندما تأتيه المنحة حتى وإن كانت ظروفه لا تسمح بالدراسة فإنه سيضطر لمواجهة تلك الظروف، لمواصلة دراسته وعلمه، لأنه تكليف وتشريف، وبعدها سيزيد لديه الإبداع المهني وسيقدم علمه بأجمل الصور العملية. إن اتُّبعت هذه المنهجية فستكون لها فوائد، من جانب فيها تشجيع للجميع بأن يعملوا بتميز للحصول على المنحة، ومن جانب آخر فهي تكريم للمنجزين ودعم للكفاءات الجادة ثم استثمار لتميز أكثر تركيزاً بعد انتهاء مدة المنحة والدراسة. وقفة: المنحة للمتميز هي منحة للجميع، ووطننا يستحق أن نفكر بتميز حتى نعمل بتميز، والتميز الحقيقي ما يُرضي الله ويحقق مصلحة الوطن.