كل طبائعنا الحسنة منها والسيئة ليست إلا مرآة لتصرفات وسلوكيات متكررة اخترناها أو اكتسبناها من البيئة والظروف المحيطة خلال حياتنا، فصارت عادات يمارسها العقل اللاواعي دون تحكم منا. والطبائع هي مَنْ ترسم صفاتنا وتحدد ردود أفعال مَنْ حولنا تجاهنا، بل قد تختار لنا أصدقاءنا وتصنع لنا قراراتنا اليومية. وعندما تتشابه طبائع معظم الأفراد في المجتمع أو الأمة الواحدة تتضح لنا صفات هذا المجتمع الحسنة والسيئة. وقد يكون تغيير الطباع والعادات أو تحسينها في ظاهره صعباً أو مستحيلاً عند البعض، لكنه في الحقيقة هو المعيار الذي تقاس به إرادة الشخص أو المجتمع للتغيير. وإن اختار الكبار طبائعهم فحتى الطبائع المكتسبة منذ الصغر ستتعرض يوماً ما للاختبار، فإما نتمسك بها أو نتركها. فمخطئ مَنْ يعتقد أن الطباع والعادات هي جينات تتوارثها الأجيال لا طاقة للبشر حيالها فلا يؤجرون عليها ولا يؤثمون. فقد جاء الإسلام ليقضي على طباع الشرك والجاهلية، التي توارثها الناس أباً عن جد، فغيّر وعدّل وأصلح. إذاً فلا بد من الإقرار بأن كل الطبائع والعادات السيئة هي في وقت من الأوقات اختيار، وفي الإصرار عليها قسوة قلب، وفي عدم الشعور بوجودها غفلة. ومَنْ قطع أشواطاً طويلة في عادة حسنة سهل له التصدي لإغراءات تركها. وفي المقابل مَنْ تأصل فيه طبع سيئ احتاج إلى همة أكبر للتغيير وإدراك أعلى بحجم المشكلة، التي وقع فيها. فالطباع هي مثل أصدقاء الخير وأصدقاء السوء، كلما طالت رفقتهم صعب تغييرهم. والعاقل لا يُدخل نفسه في صراع مفاجئ مع طباعه، فالتغيير السريع مصيره الانتكاس، والتدرج وخوض المعركة سجالاً هو طريق المنتصرين.