تُسن القوانين لتنظيم الإجراءات وحفظ الحقوق وممارسة الحريات، حيث إن غيابها يدعم فرضية قانون الغاب الذي يسمح بالبقاء للأقوياء، وهذا ما تسعى إليه الدول المتطورة لتقنين كل ما يتعلق بالممارسات حتى لا تكون هناك فجوة يدخل منها العابثون. قبل أكثر من عقد من الزمن ظهرت للسطح قضية تحرش في شارع النهضة بالرياض كونها كانت مصورة حين نزول جوالات الكاميرا؛ ومنذ ذلك اليوم والقضايا تتكرر، وفي كل مرة تطل علينا فيها قضية تحرش نعيد تكرار حكاية سن القوانين والعقوبات وكأنها جريمة تضاهي التحرش ذاته! مهما كانت حجج الرفض إلا أن تقنين العقوبات بوابة أمان وضمان.. الأرقام تؤكد طبقاً لوزارة العدل أنه خلال العامين الماضيين هناك ست حالات تحرش يومياً والأرقام قابلة للزيادة بسبب التساهل والتمادي.. إن رمي الأسباب على المرأة وحدها لا يدل إلا على حماقة التفكير وفتح باب مقنن لممارسة التحرش كون المرأة مثلاً وضعت كحلة أو عباءة ملونة أو لربما كاشفة الوجهة! فالذي يشتري سكيناً لقطع الفاكهة ربما يستخدمها أيضاً في قتل أحد، فهل هذا يعني أن تُمنع السكاكين أم الأفضل سن قوانين للذي يسيئ استخدامها؟! إن من يمارس التحرش هو مريض نفسياً ولديه مشكلات وعُقد في السلوك والتربية، وهذا أمر وارد في كل مكان وزمان فليست المرأة وحدها التي عانت من التحرش، فقبل بضع سنوات قام رجل بالتحرش بحمار «ذكر» واغتصبه ثم ركله الحمار ليرديه قتيلاً، فهل الخطأ على الحمار الذي أغرى الرجل! إن التحرش موجود بالحريم والحمير والمطلوب فقط سن قوانين تجرِّم سلوكيات المجانين!