مُنِيَ نظام بشار الأسد بانتكاسة جديدة تمثَّلت في سيطرة «جيش الفتح» أمس على المشفى الوطني في مدينة جسر الشغور «شمال سوريا» بعد شهرٍ من محاصرته، في وقتٍ حرَّكت التطورات الميدانية الأخيرة في هذا البلد المبادرات الدبلوماسية، وهو ما تُرجِم في دعوة فرنسا إلى «قمة جديدة في جنيف لإيجاد حل للنزاع بين السوريين». وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان سيطرة «جيش الفتح» على المشفى بشكلٍ كامل بعد اشتباكات عنيفة مع الجنود المُحاصَرين، بينما أعلن التليفزيون السوري الرسمي «فك الطوق عنهم وتحريرهم في إطار مناورة تكتيكية». وتباينت مصائر من كانوا داخل المشفى، وعددهم نحو 150، بين الفرار والقتل والأسر. وقال المرصد، في بيانٍ له أمس، إن «العشرات من المحاصَرين فرُّوا، بينما قُتِلَ عدد من الجنود، وتم أسر غيرهم، ولم يُعرَف مصير الآخرين». وسقطت جسر الشغور القريبة من الحدود التركية في أيدي مقاتلي «جيش الفتح» في ال 25 من إبريل الماضي. ومنذ ذلك الحين؛ تحصَّن حوالى 150 جندياً وعشراتٌ من أفراد عائلاتهم في مشفاها. ووعد بشار الأسد في ال 6 من مايو الجاري بأن يصل الجيش قريباً إلى «أولئك الأبطال (..) من أجل متابعة المعركة ودحر الإرهاب». وفي الرواية الرسمية؛ تحدَّث التليفزيون السوري عن «نجاحٍ في فك الطوق عن المشفى». ونُسِب إلى مصدر عسكري قوله «بعد أن سطَّروا أروع ملاحم البطولات والصمود.. أبطال المشفى خارجه». وأضاف أنهم تمكنوا من «الوصول بأمان إلى أماكن تمركز قواتنا». لكن مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، أفاد بأن قسماً صغيراً منهم وصل إلى حاجز المنشرة الواقع على بعد أقل من كيلومتر من جسر الشغور. وأشار إلى معارك عنيفة بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة في محيط قرية الكفير شرق المدينة بالقرب من قرية المشيرفة في اتجاه أريحا. وأريحا أبرز المعاقل المتبقية للنظام في محافظة إدلب «شمال غرب». وتحدث عبدالرحمن عن «60 غارة جوية نفذها طيران النظام على محيط المشفى وترافقت مع سقوط أكثر من 250 قذيفة مدفعية في المنطقة»، معتبراً أن «الهدف من حملة القصف المكثفة كانت تأمين تغطية للمنسحبين». وبثت حسابات تابعة للمعارضة على موقع «تويتر» صورةً للموقع وقد بدا مدمراً ومهجوراً مع وجود ركام وتراب في محيطه، بينما مسلحون يدخلونه. وعلى صعيدٍ مختلف؛ أعلن المرصد عن «مقتل 11 مواطنة على الأقل بينهن 3 فتيات جراء قصف ببرميلين متفجرين وقصف من قِبَل قوات النظام على بلدة عندان» في ريف حلب الشمالي. ولفت المرصد، الذي يتخذ من لندن مقراً له ويعتمد على مراسلين ميدانيين، إلى «وجود جرحى في حالات خطرة». وتقصف قوات الأسد بانتظام المناطق الخاضعة لسيطرة كتائب المعارضة في مدينة حلب وريفها لا سيما بالبراميل المتفجرة، فيما ترد كتائب المعارضة بقصف مناطق النظام بالقذائف. سياسياً؛ بدا أن التطورات الميدانية المتسارعة حركت مجدداً المبادرات الدبلوماسية. ودعا الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، على هامش قمة للاتحاد الأوروبي في لاتفيا إلى «الإعداد لقمة جديدة في جنيف من أجل محاولة إيجاد حل للنزاع السوري» الذي تسبب خلال 4 أعوام في مقتل أكثر من 220 ألف شخص.