أكد وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور فهد العسكر ل "الشرق" أن عدم أخذ البحوث العلمية طابعاً مجتمعياً رغم كثرتها يعود إلى الطبيعة الجادة للبحث العلمي، الذي له طابعه وظرفه الخاص، ونتائجه التي أحياناً قد لا تكون قابلة للتداول؛ حيث توجَّه فقط للجهات المستفيدة. وكان مجلس الشورى قد أوصى بزيادة نسبة الدعم المخصص للبحث العلمي في الجامعات بالتنسيق مع وزارة المالية والقطاع الخاص وتوجيهه للتركيز على الدراسات والبحوث التطبيقية والتجريبية الإنتاجية التقنية والصناعية والخدمة المجتمعية. كما طالب في توصياته الجامعات بالإسهام في خدمة المجتمع وبناء المجتمع المعرفي باستخدام التقنيات الحديثة، ودعم التعليم مدى الحياة باستخدام التعليم المفتوح، ومنح حوافز للمبتعثين الملتحقين بالجامعات العالمية المتميزة، وتطبيق شروط ومعايير الابتعاث في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي على طلبات الإلحاق بالبعثة، في نقل التقنية والمعرفة في هذا المجال لمنسوبي الهيئة. أما بخصوص مدى تطبيق نتائج البحوث والدراسات ليستفيد منها الناس، فأكد أن الأمر فيه إشكالات، منها عدم وجود خارطة لأولويات البحث العلمي تمكِّن من التعرف على المجالات الأكثر أهمية، والأكثر قيمة، بحيث تتوجه إليها الجهود، بالإضافة إلى عدم وجود قائمة أولويات، وعدم وجود استراتيجية وطنية تحدد أولويات البحث العلمي، ثم عدم تهيئة الإمكانات التي تدعّم قيام المؤسسات الأكاديمية والعلمية بدورها، بالذات التنظيمات التي تحكم البحث العلمي في المملكة لا تزال ضعيفة وغير مواكبة للحراك المجتمعي، وما يجب أن يقوم به البحث العلمي للوفاء بدوره للمجتمع، ثم أيضاً حاجة تفعيل بعض نتائج البحوث إلى تغييرات هيكلية في البناء، ممثلاً في إعادة تنظيم بعض الجهات أو إعادة إصدار بعض الأنظمة أو تعديل بعضها، مشيراً إلى أن هذه المشكلات لا تستطيع حلها أو لا تملك حلها بعض المؤسسات الحكومية؛ لأن هذا يقتضي إجراءات طويلة جداً، ويقتضي تنظيمات تتقاطع مع مؤسسات أخرى. وأضاف وكيل جامعة الإمام: البعض يقول إن الأبحاث لا تُفعَّل نتائجها، وقد يكون ذلك صحيحاً؛ لأن تفعيل هذه النتائج ليس بالشيء السهل الذي يلمسه الشخص، فهناك تفاصيل يجب الوصول إليها، مثل توصية بعض الدراسات بإنشاء أجهزة حكومية، بالإضافة إلى توصية بعض الجهات بتعديل بعض الأنظمة، فهذه الأمور ليس بمقدور الجهة التي أجرت الدراسة ولا الجهة المستفيدة أن تعمل عليها، بل هذا يحتاج إلى منظومة عمل طويلة قد تحتاج إلى وقت، وتحتاج إلى إجراءات، وهذا ما يقلل من أن يلمس المواطن أو المستفيد نتائج هذه الدراسات بشكل مباشر. وأكد العسكر أن الرسائل الجامعية لا تقف عند الجامعات بل يتم نشرها، مشدداً على أنه قبل هذا وذاك يجب أن تعمل الجامعات على التواصل مع المؤسسات الحكومية والأهلية، وأن يكون لديها تجارب محددة ومعروفة وموثقة. لكنه اعترف بتقصير الجامعات في تسويق إنتاجها العلمي، رغم المحاولات الجادة لذلك، كما لفت إلى وجود تقصير كذلك من قبل الجهات الحكومية، في هذا الجانب. وعن اهتمام الأستاذ الجامعي بالترقية فقط، وتقاعسه عن إنتاج مزيد من الأبحاث وحصوله على لقب الأستاذية، قال العسكر: هذه إشكالية لا نستطيع أن ننكرها، لكن نأمل أن تظهر تنظيمات تفتح أبواباً جديدة لدعم البحث العلمي بشكل أو بآخر، وآليات جديدة لتحفيز أساتذة الجامعات ليعملوا في تخصصاتهم لخدمة المجتمع بشكل أو بآخر، ويحسب لهم هذا ضمن النقاط المؤهلة للترقية، بحيث يتغير مفهوم أن البحث العلمي فقط هو الوحيد الذي يؤهل للترقية.