إنّها مخلوقٌ عبقريٌّ، رقيق الحاشية، متعدد المواهب، مُزوَّد بفطرته بفنون إدارة الوقت وتحمُّل المسؤوليات الجسام بلا تذمُّر أو تأفُّف، وهي أشبه بقائد عسكريٍّ فذٍّ في ساحة معركة غير متكافئة الأطراف، ولكنها تخرج منتصرةً ومبتسمةً، لأنّ التضحية في سبيل الواجب سمة أصيلة فيها، والثقة بما تمتلكه من مقومات النجاح صفة تلازمها. وهي في بيتها سُلطة محبوبة من رعيتها، تسنّ القوانين، وتُشرّع الأحكام، وعندما ترغب في تسيير نظام، فإنها لا تفرضه بالحديد والنّار، ولا بالتهديد والوعيد، بل تعتمد على الجانب الوجدانيّ، فينقاد لها الجميع طواعيةً من غير إكراه، وهذا من ذكائها. أمّا إنْ حاول أحدهم الخروج عن طوع أمرها بما فيه ضرر عليه أو على مصلحة الأسرة، فإنّها تتخذ وجهاً آخر، تتقمّص ملامحه لتبدوَ غير راضية عنه، وأحياناً تنهج المقاطعة المشروطة كي يتراجع عن سلوكه. ولديها عشرات اللغات التي غالباً ما تسعفها لفرض احترامها، وأبرز هذه اللغات الدعاء الصالح. فماذا لو دعاها طموحها إلى العمل خارج بيتها؟ حينئذٍ تسعى جاهدةً إلى تحقيق ما يستصعب على كثير من الرجال، بل إنّها تحقق أكثر منه أحياناً، لكنّ ذلك، مع الأسف، جعل شريكها الرجل يستغل عزيمتها وصبرها ليُحمِّلَها أكثر من طاقتها ثمّ يلقي باللائمة عليها إنْ قصَّرتْ في بعض الجوانب التي غالباً ما تكون من مسؤولياته أصلاً. إنّ المرأة تحتاج إلى الرجل كشريك مُعِين على أداء رسالتها، وليس عبئاً مقيتاً تتراكم بسببه الهموم، فتُصيِّرها بئراً من الأحزان، وهي التي كانت ينابيع ترفد محبة وفرحاً وحناناً. إنّ المرأة في حاجة ملّحة إلى دعم رسميّ من أعلى سُلطة لتحمي حقوقها المعنوية والمادية، وتخلّصها من آثار تلك الحقبة البالية التي صودرت فيها كثير من حقوقها، وتُعِدّها لتكون الترس الصلب في محور النهضة.