تختلف سلوكيات الناس في كيفية وطريقة التعامل والتفاعل مع الأخبار والأحداث وذلك نتيجة عدة عوامل بيئية واجتماعية ودينية، ومؤخراً برزت كلمة تفاعل في الوسط الإعلامي بمعنى «الفزعة» – إن صح التعبير – والمقصود من هذا التفاعل هو التفاعل الاجتماعي، الذي له دلالة وبعد سامٍ ينم عن قيم اجتماعية عالية لهذا المجتمع النبيل، وأيضاً عن وجود الخير مهما طمت وعمت البلوى وساءت الظنون فكما قيل «لو خليت لخربت» والمعنى أن الدنيا مازال فيها خير، ويمكن اختصار القول بأنه وجه من وجوه الشفاعة الحسنة في سبيل حصول صاحب الحق على حقه. لكن مع هذا فإن دلالة التفاعل لا تقتصر على قيم الجود والكرم وسمو أخلاق المجتمع فحسب، بل إنها من ناحية أخرى تعطي مؤشراً خطيراً ودلالة سلبية على تقصير بعض الجهات المعنية وعدم التعامل مع صاحب المعاناة بالشكل المطلوب والأولوية المطلوبة حتى أصبحت تنتظر من يتفاعل معها لتقوم كل جهة بدورها على أكمل وجه. وكما يقال «مصائب قوم عند قوم فوائد» فإن قضية التفاعل تخلق مادة إعلامية لها رواجها في المجتمع تخدم الإعلام وتبين جزءا من الدور المجتمعي الذي يقوم به تجاه مجتمعه، وبه يظهر أحد الجوانب الحسنة للإعلام حيث إنه يلعب دور القنطرة بين صاحب المعاناة والمتفاعلين معها في المجتمع، وبحسب جهده ومتابعته وإظهاره للحالات تكون نسبة تفاعل المجتمع معها فالعلاقة طردية. ولأن التفاعل الاجتماعي يعني استقرارا وانتظاما في العلاقات الاجتماعية وهي ما يجب أن تكون عليه ردود أفعال الناس تجاه هذه المعاناة، يتوجب علينا النظر في قنوات التواصل الحالية بين المواطن والمسؤول، وكيفية زيادتها وتنويعها ودراسة مدى جدواها والسعي إلى أن تكون متاحة للجميع بمختلف أماكنهم وأوضاعهم وأحوالهم، فمازالت قنوات التواصل بين المواطن والمسؤول تعاني العوز، ومازال هناك حاجز يمنع المواطن من الاستفادة من حقه من الخدمات التي تقدمها الدولة، ومازال هناك من الناس من هم بحاجة إلى نزول المسؤول وتفقده له شخصياً أو من ينوب عنه. ولعدم توفر قنوات تواصل مناسبة لدى صاحب المعاناة فإنه قد يلجأ إلى أساليب وطرق غير مرغوبة في المجتمع بغية التفاعل معه -كالسؤال عند الجوامع وأدبار الصلوات – وذلك نتيجة عدم وجود أو عدم وضوح قناة تواصل تناسب صاحب المعاناة مع المسؤول. ولأن التفاعل نوع من التواصل الاجتماعي ذو طابع خاص غالباً ما يتم من خلال قنوات الإعلام وبعض المشاهير وأصحاب الجاه و «سفراء النوايا الحسنة» الذين يقدمون صاحب المعاناة للمجتمع من خلال الزيارة أو الإرسال أو التصوير معهم، إلا أن جميعهم في النهاية يقومون بدور.. غيرهم يتوجب عليه القيام به.