الخيال نعمةٌ عظيمة يا صديقي القارئ فيه تستطيع أن تكون ما تريد ولو لدقائق قليلة تُخرجك من عالمك، الذي لا تحب إلى فضائك الذي تحب! وهل بقي لدينا نحن العرب شيءٌ يجعلنا في حالة أفضل سوى الخيال، الذي يذهب بنا ونذهب به؟! تخيّل يا صديقي أنك تستطيع أن تأخذ حقّك دون وساطة أحد؟ أن تحصل على راتب مجزٍ ووظيفة مرموقة تناسب قدراتك وتحترم إنسانيتك؟ تخيّل! تخيّل أنك تشتكي في المحكمة وزيراً من الوزراء أو كبيراً ممن يراهم الناس «كبراء»، ثم تجلس بين يدي القاضي أنت وهو، ويأخذ لك «القضاء المستقل» حقّك ثم تخرج من المحكمة لا تتحدث بهذا ولا تنشره في «تويتر» لأن ذلك أمر طبيعي جداً. تخيّل يا صديقي أنك تحتجّ بكل أدب وحضارة على مسؤول أو وزير، وتتقدّم ضده باستجواب في مجلس منتخب أو عن طريق مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني، ثم يدافع هو عن نفسه ويفنّد ادعاءاتك بكل أدب، ثم يتبين الأمر وينتهي دون مشكلات تُذكر! تخيّل أن لا أحد من الناس يستطيع أن يحشر أنفَه في لباسك أو مشيتك أو طريقة كلامك أو مكان نزهتك أو طريقة عبادتك، وأنك حُرٌّ ما دمتَ لا تتعرض لحريات الآخرين! تخيّل أن تتصل بك مؤسسة بحثية وتعرض عليك مليون دولار مقابل استثمار عقلك وأفكارك وتطويرها وتسويقها؟ تخيّل أنك تستطيع علاج والدك المريض في أرقى المستشفيات وأحدثها دون أن تبحث عن شفاعة من مسؤول أو تكتب عريضة استعطاف لحالة مريضك؟! تخيّل أن بلدتك الصغيرة فيها عشرة فنادق «5 نجوم»، وعشرون حديقة عامة، وسبعة مولات كبيرة وأماكن كثيرة تبتهج زوجتك وأولادك بالذهاب إليها! وما دمتَ تتخيل أيها المسكين فلا بد أنك تخيلت أنك في شارع نظيف وحديقة صغيرة أمام منزلك، وبالتأكيد فإن بيتك، الذي بنيت قبل سنوات يناسب حاجات أسرتك، وأن دخلك الشهري يكفيك تماماً، ولا تحتاج معه إلى قروض إضافية! صدقني أيها الفاضل؛ أنا لا أريد من استدعائي لخيالك أن يضيق صدرك أو «يتكدر» خاطرك، بل أردتُ منك أن ترى بعين خيالك ما عساه أن يتحقق فتراه بعين واقعك! باختصار يا عزيزي: تخيّل أنك إنسان!