في مجتمعنا السعودي والخليجي والعربي، تغلب ثقافة التّكريم على أي منصب يتولاه المسؤول وهي ثقافة متأصّلة منذُ القِدم، كرَّستها الحياة التي كانت سائدة منذُ قرون، وقد تربت وترعرعت ونضجت وأصبحت عرفاً من أعراف المجتمع، كل من وضِع في مكان المسؤولية هنَّأه النّاس لمجرد أنه كُرّم بهذا المنصب، بينما في الحقيقة هي مسؤولية سيُسأل عنها أمام الله يوم لا مفرّ من ذلك. الأعراف التي تُقدمها الدول المتقدمة في بعض المجالات، تعطي دروساً للدّول النامية خاصة في العمل الإداري، حيث إنّ أي إخفاق للمسؤولين الذين يتبوأون المناصب القيادية يجعل المجتمع يلفظهم دون رأفة، بل إنك تُحس حينما يقدّمون استقالاتهم أنّ الكراسي هي من تلفظهم ليأتي البديل الذي يرضى عنه الكرسي والمجتمع، فلا يأتي ولا يقبل بهذا التكليف إلا من يريد أن يعمل فقط ليس من يريد أن يُكرّم فقط. قبل أيام ضخ الملك عبدالله دماء جديدة لبعض الوزارات، ونتمنى أن يكونوا على قدر من المسؤولية، لأن كثيراً ممن سبقهم لم نعرف عنه شيئاً إلا يوم تعيينه ويوم إعفائه، ولو أحصيت الذين كانوا على قدر من المسؤولية لوجدتهم لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة، وكأن الظواهر الوزارية الناجحة لا تتكرر إلا كل 100 عام. البلد مهيأ للإنجاز، والحكومة تدعم وتوفر كل ما يسمو للتطوير، لكن الهمم تختلف ودوافع الإنجاز لا تجدها عند من غايته التكريم. ليعِ وزراؤنا الجدد أن عملهم الجديد تكليف وليس تكريماً، وأنهم أمام العيون التي تترصد لكل صغيرة وكبيرة، فالذي يحاسب ليس المسؤول فقط، بل كل من حولك ينظر لك بعيون النقد إما سلباً وإما إيجاباً، ولكم في وزارة التجارة أسوة حسنة.