بخطوات متعاقبة ومتأنية، تجلت في الأيام القليلة الماضية كثير من المؤشرات الجادة على عزم مؤسسات المجتمع المدني والجهات الحكومية الاستفادة القصوى من تعليمات المقام السامي، التي تحث الجهات الرقابية والتشريعية على مواجهة الفساد وكل صور الإخفاق الإداري والتعثر في المشاريع وكل ما يُلحِق ضرراً بالمواطن. وزير التجارة والصناعة، الدكتور توفيق الربيعة، بادر قبل خمسة أيام إلى إيقاف حملة تخفيضات وهمية أطلقتها الشركة المتحدة للإلكترونيات «إكسترا» في عدد من متاجرها. الخطوة وجدت تفاعلاً كبيراً من قبل الشارع السعودي، من خلال حملات إلكترونية دشنها مواطنون في شبكات التواصل. التفاعل الجماهيري في إطار الشفافية والرقابة وتكامل الدور الحكومي والشعبي، أثمر مرة أخرى، وبعد يومين فقط، عندما أعلنت وزارة التجارة والصناعة إغلاق فرع مجمع «الدانوب» في الخبر وفرع بندة في حائل لتكرار مخالفات بطاقة السعر والترويج لعروض غير حقيقية واختلاف سعر الكاشير عن سعر المعروض على رفوف البيع. على المنوال ذاته، أصداء الشفافية والرقابة والمحاسبة، بدأت تتوسع كدوائر الماء في ظل تحرك قاده مجلس الشورى، ومطالبة أعضائه أمس هيئة الطيران المدني تحصيل 19 ملياراً من الديون المتراكمة على الخطوط السعودية والشروع في تطوير المطارات، التي تعاني رداءة في مستوى الخدمات الأرضية والنظافة، وسوء خدمات البوابات الإلكترونية والحجوزات وغيرها. يوازي ذلك كله، ما أعلنته أمس وزارة النقل عن سحب 19 مشروعاً في عدد من مناطق المملكة من مقاولين لم يلتزموا بتنفيذها في الموعد المحدد، أو بسبب عدم تقيدهم بالمواصفات المعتمدة. يلحظ هنا، أن الدور الحكومي كان هو الخطوة الثانية، بينما الخطوة الأولى كانت شعبية بجدارة، فإيقاف حملة (إكسترا) وإغلاق فروع الدانوب وبندة، تم بناء على شكاوى من مواطنين قبل أن تتدخل وزارة التجارة والصناعة. كما أن تحرك الشورى يندرج في إطار مسؤوليته كمجلس يمثل الشعب، ومطالبته الطيران المدني بتحصيل الديون المتراكمة، هو دور رقابي وحسابي يعزز من مصداقية الشفافية في مواجهة الهدر والفساد والأخطاء الإدارية وتعزيز قيم الدولة والنزاهة وتنمية الشعور بالمواطنة وأهمية حماية المال العام.