على غرار (لو) تفتح عمل الشيطان فإن المزايدة على الوطن تفتح مفاعيل التأجيج والتأليب، واستتباعاً كراهية الآخر، فحب الوطن وحق الانتماء ليس حكراً على طيف دون آخر.. وبمقتضاه لا يملك – كائناً من كان- حق الانتقاص من مواطنة الآخر تبعاً لمذهبه أو توجهه أو ربما مناطقيته! فهو حق مشروع وفطري تكفله (الأنسنة)، فثمة علاقة ترابطية وأزلية بين المواطنة والإنسانية. وجدير بالذكر أن الإنسانية قوامها المواطنة، وهذا يؤكد أكثر ما يؤكد على قيمة الولاء للوطن والمشاطرة بحبه. ولعله من المناسب في هذا المقام استدعاء قول جان روسو «إننا لن نصبح (بشراً) إلا إذا أصبحنا مواطنين».. فبمقتضى هذا المفهوم ربط روسو المواطنة بالإنسانية، ودلالاتها باقتفاء تلابيب المواطنة الحقة. وبكلمة أوضح لا يمكن أن يكون الكائن بشراً ينبض بالإنسانية دون أن يكون مواطناً. وأبسط أبجديات المواطنة التعايش والتسامح والمحافظة على مكتسبات الوطن ومقدراته والذود عنه، وأي إخلال بهذا النسق تنتفي معه المواطنة، واستطراداً تنزع عنه الإنسانية بالمطلق. فما حصل في محافظة الأحساء (أرض التعايش وواحة التلاحم) لا يقبل الجدل أن من اقترفوا هذه الأعمال الإجرامية الغاشمة لا يمتون إلى المواطنة في شيء وليس لهم من الإنسانية نصيب.. ما يجب أن يعرفه الجميع أن أي عمل مشين من فئة ضد أخرى هو في أول المطاف وآخره بمنزلة عضة في خاصرة الوطن. وهذا يقودنا للقول: إن المواطنة الحقة والولاء الصادق لا تزعزعهما قيد أنملة أبواق المرجفين، وتتكسر على صخرتهما تأليبات المحرضين والمتربصين. وفي السياق نجدد الإشادة بحصافة مشايخنا الأجلاء والدعاة وعقلاء المجتمع بمختلف أطيافه وطوائفه لمسارعتهم إلى إنكار الحادثة دونما مواربة بخطاب موحد يكرس للمواطنة والتلاحم. يبقى القول: ستظل الأحساء واحة آمنة وارفة نستظل بفيء نخيلها المتناسق والمتجانس أبداً كما هو حال أهلها. وفي الإطار سيبقى الوطن بمشيئة الله حصناً منيعاً آمناً بأبنائه العقلاء المتلاحمين.