لا يمكن لأي امرأة في هذا الجمع العظيم ضمن جمهور جائزة أبها لهذا العام، إلا أن تشعر بالزهو والافتخار، عندما يصفق هذا الحشد ليتوج تاريخ إعلامية سعودية شقت طريقها في مهنة المتاعب متجاوزة كل الصعاب. كانت «سمر المقرن» تقف بين المكرّمين في حفل جائزة المفتاحة للريادة الوطنية كنجمة مضيئة معتزة بحروفها وفكرها ومشاعرها وتفاعلها مع المجتمع، وبكل النوافذ الإعلامية التي تبنت منتجها الإعلامي، واستثمرت عقل المرأة النابض بالحياة المتتبع لمجريات الأحداث بمشاعرها، ذلك ما أراده سمو أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد من هذه الجائزة، التي استوعبت كل مبدعي ومبدعات هذا الوطن، أراد أن يترك مربعاً واعياً لصوت المرأة السعودية ولفكرها ووعيها وشراكتها كمواطن من الدرجة الأولى في هذه النبتة التي غرسها سمو الأمير خالد الفيصل لتكون عسير موطناً للتكريم. كان التفاعل الكبير «لفكر المرأة» يلف تلك الليلة، فالنظرة كانت تسلط الضوء على منتجها الأدبي والإعلامي وعلى قلمها، وخرجت العقول من دائرة النظر إلى شكليات المرأة ووصفها بأنها منحوتة جمالية مطرزة بالابسون ومفرغة من العقل، أو في قالب من الحلوى. كانت هناك نظرة نوعية إلى عقل المرأة إلى أبعد من مدى «النقص» وإلى أقصى درجات القبول الذي تتمناه أي إعلامية، ولم تكن «سمر المقرن» هي المكرمة الوحيدة في احتفائيات جائزة أبها، فقد توجت أبها طوابير من المبدعات والمتميزات من بنات هذا الوطن، ولا أعتقد أن الإعلاميين الذين يعجنون في المساء خبز الصباح ويسهرون ليقدموا حروفهم الطازجة ينتظرون التكريم أو الشكر، وإنما يمكن أن أصف لكم مشاعر الزهو عندما تطل أصواتهم من خلف الكلمات وتجد صداها مورقاً ككل وردات الصباح الطالعة من بين مفاصل السطور، وهم لا يطلبون أكثر من سماع أصواتهم تملأ المدى صخباً في احتفاليات الحروف، وعندما تدق أجراس الدهشة وصناعة الفارق يخرج المبدع من شعوره بأنه صورة موناليزا معلقة على الجدار، إلى واقعه الذي قال عنه نزار قباني «إن الكاتب يجبُ أن يظلَّ في أعماقه بدويَّاً يتعاملُ مع الشمس، والملح، والعطش. يجبُ أن يبقى حافي القدمين حتى يتحسس حرارة الأرض ونتوءاتها ووجع حجارتها». «سمر المقرن» التي تنقلت في عديد من الصحف السعودية بصفتها الصحفية، وتميّزت بقلمها الجريء وطرحها الواقعي، تشرفت بالعمل معها في صحيفة الوطن وجمعني بها فكرها اللامع ووطنيتها العالية، وتشرفت بمشاركة هذا الحشد التصفيق والاحتفاء بها، شاركت هذه المرأة عنفوانها وثقتها واعتزازها، وتسلمت معها أبجديات الثقة بأن المرأة كائن محقق للنجاحات أحياناً وأحياناً للمعجزات. تقول الشاعرة الكويتية سعاد الصباح: قد كان بوسعي أن أتجمّل.. أن أتكحّل أن أتدلّل.. أن أتحمّص تحت الشمس وأرقُص فوق الموج ككلّ الحوريّاتْ قد كان بوسعي أن أتشكّل بالفيروز، وبالياقوت، وأن أتثنّى كالملكات قد كان بوسعي أن لا أفعل شيئاً أن لا أقرأ شيئاً أن لا أكتب شيئاً أن أتفرّغ للأضواء.. وللأزياء.. وللرّحلاتْ.. لكنّي خنتُ قوانين الأنثى واخترتُ..مواجهةَ الكل.