كل إنسان يعتريه النقص، والكمال لله وحده، هذا صحيح، لكن تبرير التقصير ليس في كل الأحوال؛ بل فيما ليس للإنسان استطاعة، هذه حالة لمعضلة وزارة تحظى بالاهتمام الكامل في المخصصات والدعم والرعاية، كل ذلك لم يشفع لها لإيجاد حل طال انتظاره، ولم تشرع نوافذ الأمل في بلورة أحلام بنفسجية لآلاف المعلمات كما يتمنينها. المشكلة تحولت مع الأيام إلى معضلة ميؤوس من حلها!.. وزارة التربية والتعليم مهمتها التربية السليمة وإخراج جيل طيب الأعراق جيل يخدم الإنسان والوطن، إلى الآن لم توجد حلاً لمشكلة توجيه المعلمات المنثورات كدقيق في يوم عاصف في جهات الوطن بقراها وهجرها المترامية، بصورة تدعو للحزن وتجعل من هؤلاء المعلمات ضحايا على الطرقات ويعشن حرمانا من فراق الأطفال وآباء وأمهات في حاجة لهن، «وبلاوي زرقاء كثيرة»، لم تستطع وفقها الله تغيير الحال إلى آلية تجعل كل معلمة تشعر بالأمن والطمأنينة في مقر إقامتها، وكأن هذا الاحتياج والعجز هما عصا جلادة لأمنيات وآمال معلمات يقطعن الفيافي والقفار منذ ساعات الفجر الأولى من أجل لقمة عيش في المقام الأول!. انظروا أيها السادة حولكم ستجدون معلمات منثورات كالفراشات في «مرابعكم» وهجركم وقراكم تائهات يصارعن الآلام وغلاء الأسعار ولوعة الفراق ووحشة الغربة وأخطار الطرق ووعورتها والتحرش.. الحالة الإنسانية لدى وزارة التربية «ضعيفة» قياساً بمؤشر الأداء الإنساني، ربما أن مبدأها يكمن في «لا مجال للعواطف والأحاسيس الإنسانية في عمل التربية والتعليم الإداري والرسمي البحت والمعَقد»، أو ربما أن التربية تريد تعويد منسوباتها على الصبر والتحمل كسباق التحمل للخيول الأصيلة. معضلة يا سادة تلك التي لم تجد لها المعلمات تفسيراً ولا إجابة مقنعة، بينما يستمر برنامج نثر المعلمات كحاصدة القمح إلى غياهب الأرض البعيدة والقرى والهجر النائية الخالية من الخدمات الأساسية. يباشرن بحسرات وبأحوال تُشكى إلى الله، تخيلوا كمثال معلمات من رفحاء وعرعر من أقاصي الشمال يتم توجيههن إلى قرى في أقصى الجنوب، وهنّ مسؤولات عن أطفال وأُسر وليس لديهن عائل ومحرم يرافقهن، فكيف تكون حالتهن مع تدريس التلميذات؟!. الحل الطبيعي هو تعيين كل معلمة في منطقتها ضمن قطاعات تدخل ضمن المنطقة والمحافظة، لكن فيما يبدو أن مشكلة المعلمة مع التوجيه البعيد القاصي ستستمر حتى لو تغيرت وجوه وأسماء وألقاب وزارية، فكابوس الاحتياج هو الأقوى من كل الاعتبارات حتى لو كان الثمن حياة إنسانة بحثت عن ممارسة مشروعة لدورها في الحياة ولقمة عيش كريمة.