المتحدثون بلغة (السوق ينظم نفسه) هم في كثيرٍ من الأحيان يبحثون عن ذرائع لعدم الالتزام بالقوانين الخاصة بالسعودة أو الحد الأدنى للأجور، ليس بالطبع الأمر في كل الأحيان دون أسباب منطقية، فبعض الذين يمتلكون مشاريع صغيرة يتعسر عليهم توظيف السعوديين ولهم مناشدات كثيرة من أجل أن تكون نسبة السعودة المفروضة لها علاقة بصافي الربح، فمن يملك مشروعاً بسيطاً لا يحقق ربحاً عالياً ستشكل له السعودة سبباً مهماً من أسباب الخسارة أو ستجعله يلجأ إلى السعودة الوهمية وهي مع الأسف واقع موجود ويتنافى مع أهداف وزارة العمل. تشكل رواتب الموظفين في كثير من الشركات جزءاً مهماً من التكلفة، لذا فالسعودة التي تعني رواتب مرتفعة نسبياً تمثل لهؤلاء شبحاً لا يتمنون رؤيته، ولولا أنَّ نظام العمل يلزمهم لما كان للسعوديين أثر في شركاتهم، ضمن هذه الحالة أصبح السعودي رقماً ليس له قيمة في بعض الشركات، هو فقط (شرط قانوني) للحصول على مزيد من التأشيرات أو لكي يلبس الثوب والشماغ ويمثل الشركة في بعض الزيارات في حين يُذل هذا الموظف ما إن يعود لشركته على أقدام السيد بابو وإخوانه الذين منحوا لأنفسهم الحق وتحت سبات صاحب العمل وربما جشعه المادي إلى جعل السعودي صورة ليس لها أي قيمة واعتبار. يعاني الموظف السعودي في بعض الشركات التي تتكلم (هندي أو فلبيني) أو غير ذلك من أوضاع مزرية، أحد شواهدها هو رميه جانباً دون عمل وبغير تعاون من زملائه غير السعوديين، ما يجعل السنين تمضي عليه وهو لم يتعلم شيئاً ولم يرتفع راتبه وليس بيده في كل ذلك حيلة، مشكلة هذه الشركات أنَّ الموظف لا يستطيع الذهاب لمكتب العمل ورفع شكوى ضدهم، هناك أساليب كثيرة ل (لَي الذراع)، أيسرها تهديده بالنقل إلى أماكن بعيدة عن عائلته وتغريبه بعد أن يكون الموظف بالفعل وقَّع على عقد تضمَّن الجملة (للشركة الحق في نقل الموظف لأي من فروعها في المملكة)، أو إيقاف زيادته أو جعله في مكتب فارغ لا يقابل فيه إلا الحيطان، في مثل هذه الأوضاع ماذا يستطيع هذا السعودي فعله؟!. أعتقد أنَّ نظام مكتب العمل معني بتقصي أوضاع السعوديين في الشركات المختلفة وبناء جسور تواصل معهم وحمايتهم من أي تلاعب يجري ضدهم، هناك كثير من الشباب الذين لم تطلعهم شركاتهم على أي حقوق لهم وعليهم ولا يملكون صوراً من عقودهم ولا يفقهون شيئاً في قوانين مكتب العمل، أعتقد أنَّ مكتب العمل ينبغي أن يتخذ تدابير من أجل زيادة وعي الموظف السعودي ومنحه الأسباب والدعم الذي يحتاجه لحفظ حقوقه. هناك بعض الشركات التي يتولى سلطاتها العليا موظفون أجانب، هؤلاء لن يملكوا من الإحساس ما يجعلهم يتألمون لواقع السعوديين وبطالتهم، السيد بابو مدير التوظيف يملك في الهند مليون قريب وصديق يجد في مساعدتهم حقاً عليه، ترك الحبل على الغارب له ولغيره هو الذي جعل بعض الشركات (تتكلم هندي)، هؤلاء حينما يقابلون السعودي المتقدم لطلب عمل يبذلون كثيراً من الجهد في صده بذرائع واهية، يُريدون لغة إنجليزية عالية جداً ويريدون إلماماً كبيراً بالكمبيوتر ويريدون خبرة 10 سنوات أو أكثر ثم وأثناء المقابلة يبحثون عن سبب وذريعة لرفضه أو تعيينه بأسوأ الرواتب، في حين أنَّ الهندي الذي يأتينا وهو لا يعرف (كوعه من بوعه) يمنحونه كل الدعم والعناية ويتسامحون معه في كل أخطائه، أتمنى بالفعل أن ينظر مكتب العمل في هذه المشكلة ويقدم حلولاً تنقذ كثيراً من الموظفين السعوديين من واقعهم المزري.