ولي العهد يهنئ رئيس وزراء الهند بمناسبة فوز حزبه بالانتخابات التشريعية    جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تدشن مسرحها الجديد بأحدث التقنيات المسرحية    لتوسيع نطاق الخدمات القضائية.. إطلاق النسخة المطوَّرة من تطبيق ديوان المظالم    رئيس «كاكست» يطلق مبادرات طموحة لتوطين صناعة تصميم الرقائق الإلكترونية بالمملكة    أمير القصيم يكرّم البشري بمناسبة حصوله على الميدالية الذهبية    وزير «الإسلامية»: إقامة صلاة عيد الأضحى بعد شروق الشمس ب15 دقيقة في كافة المناطق    نائب أمير مكة يستقبل وزير النقل والخدمات اللوجستية    وقوف امير تبوك على الخدمات المقدمة في مدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار    وزير الشؤون البلدية يدشن مركز دعم المستثمرين بالمدينة    سجن وتغريم 8 أشخاص لنقلهم 36 مخالفاً للحج    السعودية تطلق أكاديمية وطنية للبيئة وبرنامجًا للحوافز والمنح في القطاع البيئي    السفير الطاجيكي: دور محوري للمملكة في تفعيل مبادرات حماية البيئة ومكافحة التصحر    الذهب يرتفع وسط آمال خفض الفائدة وانتعاش النحاس    اختصار خطبة الجمعة بالحج لشدة الحرارة    اجتماع وزاري خليجي-يمني مشترك في الدوحة.. الأحد    11 جهة ترسم طريق الاستدامة وتنمية الموارد وتذليل الصعوبات لتراحم الشرقية    مفتي المملكة: من أراد أن يضحي فلا يأخذ شيئًا من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته بعد دخول شهر ذي الحجة حتى يضحي    نجاح فصل التوأم السيامي الفلبيني "أكيزا وعائشة" بعد عملية استغرقت 5 ساعات    بجراحة دقيقة مركزي بريدة يستأصل ورما نادراً ضاغطا على الأوعية الدموية    الأخضر وباكستان.. "نقطة" نحو آخر مراحل حلم المونديال    مجزرة إسرائيلية في مدرسة للإيواء بغزة    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام الأقصى اعتداء سافر على الوضع القانوني والتاريخي    "غوغل" تتخلى عن ميزة "سجل الخرائط"    موارد وتنمية الشرقية.. تنفذ مبادرة "نسك" لاستقبال ضيوف الرحمن    المحكمة العليا تدعو إلى تحري رؤية هلال شهر ذي الحجة مساء اليوم الخميس    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة جمعية تنمية الموارد المالية    أمير القصيم يقف على جاهزية مدينة حجاج البر    أمير القصيم يرعى حفل تكريم الفائزين بجائزة سموه للتفوق العلمي الرس    "الخريف" نتجه لتوطين صناعة السيارات    "ساما" ينضم ل"mBridge" للعملات الرقمية    "مايكروسوفت" تطلق إصداراً جديداً من "ويندوز 10"    وزير الداخلية يخرّج "1410" طلاب من "فهد الأمنية"    "العُلا" سحر التنوع البيئي والتراث    رونالدو أفضل لاعب في "روشن" لشهر مايو    الأرصاد: استمرار ارتفاع درجات الحرارة العظمى في 5 مناطق    يا اتحاد افرح بأبطالك.. دامت لك الفرحة    الثقفي ل«عكاظ»: «ناظر» الرئيس المناسب للاتحاد    20 عاماً على موقع «فيسبوك».. ماذا تغير ؟    تعزيز التعاون الأمني مع أوزبكستان    حرارة الأرض ترتفع بشكل غير مسبوق    الحجيلي يحصد جائزة "المعلم المتميز"    سروري مقدما ل " ثلوثية بامحسون "    إعادة كتاب بعد 84 عاماً على استعارته    نائب رئيس جامبيا يزور المسجد النبوي    تقنية لتصنيع الماس في 15 دقيقة    بتوصية من مانشيني.. الأخضر الأولمبي يقترب من مدرب إيطالي    السعودية تستضيف بطولة غرب آسيا الثالثة للشباب    رئيس الشؤون الدينية يدشن دورة "هدي النبي في المناسك"    الضليمي والمطيري يزفون محمد لعش الزوجية    «رعاية الطفولة»: دربنا آلاف الأمهات.. والآباء في تزايد    حذّروا من إضاعتها خلف الأجهزة الإلكترونية.. مختصون ينصحون الطلاب باستثمار الإجازة    أدوية الأمراض المزمنة ضرورية في حقيبة الحاج    المصريون ينثرون إبداعهم في «ليالٍ عربية» ب «أدبي الطائف»    الفصول الدراسية: فصلان أم ثلاثة.. أيهما الأفضل؟    خالد بن سلمان يجري اتصالاً هاتفياً بالرئيس المنتخب وزير الدفاع الإندونيسي    هند بنت خثيلة والتاريخ!    «ليلةٌ في جاردن سيتي»    الوزير الجلاجل وقفزات التحول الصحي !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكف لا يقاوم المخرز
نشر في الشرق يوم 30 - 10 - 2014

في عام 1991، كنا شباباً يافعين، على مقاعد الدراسة الجامعية. وقتها كان الأمير حسن بن طلال، لا يزال ولياً للعهد في المملكة الأردنية. كان الرجل مولعاً – إلى جانب دوره التنموي والإداري، ونوعاً ما السياسي والعسكري – بالهم الثقافي والفكري، وهو ما قاده إلى تأسيس «منتدى الفكر العربي»، في أوائل ثمانينيات القرن الماضي.
آنذاك استفقنا في مرحلة الوعي السياسي المبكر على فاجعة احتلال الكويت، وما تلاها من تدمير للجيش العراقي، وانهيار ما يسمى «الجبهة الشرقية»، وتشظي العالم العربي ما بين «مع» و«ضد»، وأدركنا أن الفسيفساء العربية، باتت مشوهة، لا تحتمل نشيد «بلاد العرب أوطاني»، وبتنا أشبه بشاب أصيب بانهيار عصبي حاد، وهو يرى محبوبته تخسر فتنتها في حريق أو حادث سير مؤسف أتى على جمالها، فحولها إلى «مسخ».
في ذلك الوقت، كان البروفيسور عصام الموسى، نجل الباحث والمؤرخ الأردني البروفيسور سليمان الموسى، رئيساً لقسم الصحافة والإعلام. القسم كان يحمل اسماً عربياً يختلف تماماً عن ترجمة اسمه الإنجليزي (Mass communication Department)، بسبب امتداد تأثير قيود الأحكام العرفية، التي كانت سائدة في وقتها.
بحسب تقاليد القسم العريقة التثقيفية والتنويرية، تم تنظيم محاضرة بعنوان «الكف لا يقاوم المخرز»، تحدث فيها المفكر رياض الريس، عضو منظمة الفكر العربي. المحاضر تحدث بواقعية الجيل المخضرم المجرب المثقف، الذي عاصر الخضات والانتكاسات التي عصفت بالأمة في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وما شابها من حروب بينية عسكرية وسياسية وإعلامية (عربية – عربية) أفضت إلى ضياع ما تبقى من فلسطين.
كان واضحاً أن المحاضر لعب دور المعالج النفسي لجيل وجد نفسه يعيش أزمة ثقة مع الذات ومع الوطن ومع القومية العربية، التي أصابته في مقتل. كان يحدِّث شباباً في بواكير الوعي السياسي الذي لم يكتمل تشكله بعد، شباب مثخن بجراح الهزيمة الداخلية، ورث عهداً من الانكسار العربي، وتركة ثقيلة، باعدت بين الأخ وأخيه، وأسقطت من الوعي الجمعي حلم «الوحدة العربية».
المحاضرة، وكأي علاج كيماوي يتلقاه مريض السرطان، كانت موجعة ومؤلمة، لكنها اخترقت جدار الصمت، وأحدثت دوياً هائلاً ملأ سماء القاعة المحتقنة والمكتظة، عندما جاهر المحاضر بأن المثقف الواعي والمعارض، لا يكمن دوره الوطني في لعب دور المعارضة من أجل المعارضة، وأن المعارض خاصة عندما يحمل قلماً، بوصفه كاتباً أو صحفياً، فإنه يصبح رغماً عنه، شريكاً للسياسي في إدارة دفة المسؤولية، حتى لو كان ملاحقاً أو مطارداً أو مغضوباً عليه، وأن المعارض الذكي هو مَنْ يبادر دائماً بمد يده إلى السياسي، ولا يرفض أبداً أي مبادرة يمد السياسي فيها يده إلى المعارض.
الكلام لم يرق لكثيرين منا، حتى إن بعضنا احتج على ذلك الخطاب، ووصفه ب «الانبطاحي» أو «المهادن» و«المبتذل». إلا أن المحاضر لم ينجر إلى دائرة «الفعل ورد الفعل»، بل جابه كل ذلك بطرح سؤال يتيم: لو أنك رئيس تحرير صحيفة يومية أو أسبوعية، وتمارس المعارضة، وفي كل يوم توَجِّه سيلاً من الكتابات والتحقيقات والتقارير الإخبارية التي لا ترى إلا السلبيات وتكبّرها وتضخمها، فما هو الجسر الذي ستبنيه بينك وبين السياسي الحاكم، وكيف ستساعده على أن ينصت إليك أو يسمع رأيك، وهو اعتاد على رؤيتك تهاجمه فقط، ولا تشير إلى أي دور أو منجز إيجابي يُسجل له؟!.
المحاضر، الذي أجاد في وصف السياسي الحاكم ب «المخرز»، والمعارض ب «الكف» أي راحة اليد. أراد أن يؤسس لحقيقة بالغة الأهمية، وهي أن يعرف «الكف» حدوده فلا يتجاوزها وهو يلعب أدوار البطولة الزائفة، وأن راحة اليد تستطيع أن تطوع «المخرز»، بل أن تمتلكه، وأن تحيك به ما تشاء من كنزات صوفية، إن تخلت عن عنجهية «المعارضة من أجل المعارضة»، وانخرطت في مشروع البناء والمشاركة على قاعدة «الوطن للجميع»، ف «الكف» قد لا يجابه المخرز، لكنه يستطيع مع قليل من الذكاء والتواضع أن يمسك المخرز بإصبعيه وأن يشارك في نسج فسيفساء وطنية جميلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.