حين تتعامل مع نفسك كشخص آخر وربما كصديق تحبُّه أو ابن تخشى عليه أدنى ضرر يمسُّه، حتماً ستتعدل حياتك من الألف إلى الياء، ستتغير أفكارك ونهجك الذي كنت تسير عليه مسبقاً. جميل لو تعاملنا مع أنفسنا كأرواح أخرى نحبها تعيش فينا، فنهذبها ونحسن تربيتها، سنهدي لأنفسنا نصائح دون نقد أو تجريح لذواتنا، سنخاف عليها حقاً من كل طريق لا يسير بها إلى الارتقاء والسمو، سيحصل أن نتقمص دور الأم لنوجهها للطريق السويِّ، سنهتم بها جُل اهتمام بما في ذلك أن نتجنب كل سوء يضر بالصحة أو بالفكر أو بالروح أو يعكر الإحساس بالسعادة والشعور بالاطمئنان. ولا شك أن اتباع الهوى والانقياد له أسوأ ما قد يضر بها؛ لذا من الضروري جداً أن نخشى على أنفسنا من أنفسنا إذا انحنت للهوى. ولأننا نعيش في عالم إلكتروني، فحذار من كل رابط قد يحمل في طياته شراً وضلالة لا تعلمها، ومن كل ما ينقص من قيمتها، وعلينا أن نجمِّل ذواتنا في أجهزتنا سواء بما نرسل أو بما نقتنيه من صور تعكس دواخلنا وشخصياتنا، وعلينا أن نضع ما يليق بأنفسنا التي نحبها داخلنا. خلاصة الأمر أن تعتبر نفسك ابناً لك ترجو منه ما يرضي الله وتتمنى أن ترى منه ما يبهجك، فقط لملم نفسك ودع واردع عنها كل ما يضرها في الفكر وفي الصحة وفي الروح، وحواسك اجعلها تنهض للعلم وللعمل ولسعادتها، فكل ما لا ينبغي أن تسمعه دعه يمضي بلامبالاة، وما لا ينبغي أن تراه اغمض عينيك عنه، وما لا يحق لك لا تسعى إليه، وكل ما ليس من شأنك لا تهتم له، ربِّ نفسك كشخص تحبه وحتماً ستحصد ما تريد.