حذر مشاركون في مؤتمر مكةالمكرمة ال 15، من الغزو الفكري، مشددين على أنه يحقق ما لا يحققه الغزو العسكري؛ لذا فهو أخطر أنواع الغزو؛ لأن السيطرة على الأفكار والاستيلاء على العقول أمر لا يمكن التخلص منه بسهولة، بينما التخلص من الاستيلاء على الأرض ممكن بوسائل متنوعة وبطرق سهلة، حسب قولهم. جاء ذلك خلال الجلسة الثانية في المؤتمر، الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بعنوان «الثقافة الإسلامية.. الأصالة والمعاصرة». وعقدت الجلسة صباح أمس برئاسة الأمين العام للرابطة، عضو هيئة كبار العلماء، الشيخ الدكتور عبدالله التركي، وبحضور أصحاب الفضيلة العلماء والدعاة وأساتذة الجامعات ومسؤولي المراكز الإسلامية الذين دعتهم الرابطة للمشاركة في المؤتمر. وناقش المشاركون محور المؤتمر الثاني «الثقافة الإسلامية.. الواقع والتحديات» في الجلسة التي ترأسها أستاذ القانون الدولي والمنظمات الدولية المشاركة في جامعة الشارقة، الدكتور نعمان الهيتي. وشهدت الجلسة تقديم ثلاث أوراق؛ إذ ناقش الدكتور محمد الشربيني موضوع الغزو الثقافي والهزيمة النفسية، وبحث أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية الدكتور محمود الذوادي، موضوع الفرقة والصراع والتعصب، فيما قدم الأستاذ في جامعة الحاج لخضر بالجزائر الدكتور نور الدين بوليحة، ورقة ناقشت الجهل والتخلف وغياب المرجعية. وبين الباحثون خلال استعراض بحوثهم أن الشعب الذي يفقد ثقافته يفقد حتما تاريخه، وأن الثقافة ليست علماً يتعلمه الإنسان بل هي محيط وإطار يتحرك داخله. كما تحدثوا عن التأصيل الحضاري والغزو الفكري، موضحين أن الحضارة بالمقياس الإلهي لا تقاس بما نقيسه الآن ضمن شروط التقدم، مضيفين أن الحملات الإعلامية الكبيرة التي تعمل على تشويه الإسلام استطاعت نوعاً ما، أن تزعزع منظومة القيم لدينا نسبياً، ثم جاء فرض العولمة على المجتمعات، مما أحدث سجالاً عميقاً بين الأفراد سواء النخب منها أو العامة بين رافض للعولمة باعتبارها طمساً للهوية وخصوصية الأمم والشعوب ومقبل على العولمة بنهم وشغف دون أدنى تحفظ. وتناول الباحثون في هذا المحور حوار الثقافات الذي اختلفت فيه وجهات النظر ويسمونها المثاقفة من بعدها ضرورة حيوية لمختلف الشعوب والحضارات بينما اعتبرها آخرون صوراً من صور الغزو الفكري؛ حيث الاستقطاب والتبعية والتغريب والتنميط والتغطية. وأبان المشاركون أن الله سبحانه وتعالى خص الإسلام من بين سائر الأديان بشمول منهجه لكافة مناحي الحياة اعتقاداً وعملاً ديناً ودنيا وازدهاراً للبشرية، كما تمسكت مرجعيته بالكتاب والسنة. كما عقدت صباح أمس الجلسة الثالثة تحت عنوان «الثقافة الإسلامية ومتغيرات العصر»، وترأسها الأمين العام لجامعة عبدالله بن ياسين في موريتانيا، الدكتور محمد الأمين سيد المختار، وتحدث فيها كل من الأستاذ في جامعة قطر الدكتور محمود عطية، عن معايير قبول التغيرات الثقافية، وأستاذ التعليم العالي في جامعة باتنه بالجزائر الدكتور محمد بن عبدالله، عن العلاقة بين الثقافة الإسلامية والثقافات الأخرى، وأستاذ المناهج وتحليل الخطاب في جامعة شعيب الدكالي بالمغرب الدكتور حسن مسكين، عن الإعلام والأزمة الثقافية. وأوضح المشاركون في الجلسة أن تباين الثقافات في الماضي والحاضر بين المسلمين وغيرهم ناجم عن ميراث عميق من سوء الفهم وانعدام الثقة فنحن بنظرهم شعوب متخلفة إرهابية تمقت الحضارة الغربية بينما يراهم بعضنا من ذوي الثقافة الاجتماعية المنحلة.