في مثل هذه المناسبة يقول الذين يظهرون في التليفزيون والإذاعة عن الوطن: «هناك كلام كثير عن هذه المناسبة التاريخية العظيمة، ولا نجد كلمات مناسبة للتعبير…» طبعاً مثل هذا الكلام يخرج من كل ضيف مزنوق يحدث بسبب المذيع هداه الله لأن السؤال يكون عن المشاعر.. والمشاعر مثل شعور أي مواطن!! ما هو شعورك في اليوم الوطني؟ السؤال غلط جداً؛ فالأمر لا يتعلق بالمشاعر ولا يجب أن يتعلق بها أبداً.. السؤال يجب أن يكون عن المستقبل مثل: ماذا تتمنى لوطنك في قادم الأيام؟ هل حقق لك وطنك ما تريد؟ هل قمت بواجبك تجاه وطنك؟ ما هي ملاحظاتك على هذه المسيرة؟ ماذا ينقصنا كي نصبح أفضل وأقوى؟ المواطنة لا تحتاج إلى كلمات كثيرة ومصطلحات مثيرة؛ بل إلى كلمات واضحة وقطعية وصلبة لا تحتمل التأويل أو التفاصح.. تذكروا أن القصائد الطويلة هي التي تضيع الأوطان، وأن كلمات الإنشاء المتكلفة ممجوجة في هذا العصر. المواطنة هي ثقافة أولاً وأخيراً، وكلما كنت صريحاً في خدمة هذه الثقافة وتقويمها ومراجعتها ومحافظاً على عصريتها؛ كلما كانت هذه المواطنة صلبة وقوية وممتدة إلى المستقبل، وأكثر رسوخاً.. فهل نحن مثقفون في هذا الجانب؟ المواطنة هي معادلة حقوق وواجبات.. يعني (1 + 1 = 2).. خذوا المسألة بهذه البساطة والوضوح، وحاولوا إكمال نواقص البناء كي يستمر ويتعملق، ويورق للأجيال القادمة؛ دون عقد أو إحساس أن حقي لن يصلني إلا مخصوماً من حقك والعكس. المواطنة هي أنت وأنا وكل المختلفين معنا على هذا الرقعة الجغرافية ثقافة ومذهباً وأحلاماً.. حسنات وأخطاء واجتهادات ضارة ونافعة؛ بهذه القواعد المتواضعة نستطيع كلنا أن نحافظ على ما يخصنا جميعاً، وأن ندرأ الأخطار.. أخيراً أطلوا من النافذة وانظروا حولكم.. ثم خذوا نفساً عميقاً واحمدوا الله عل ما أنتم فيه؛ على ما تحقق وما سيتحقق في المستقبل بإذن الله.. هذا هو الوطن الذي أعرفه وأتمناه في كل وقت؛ كل عام وأنتم بألف خير.