لكل واحدٍ منا أحلامه الخاصة، في الغالب تدور هذه الأحلام حول النجاح، فمَنْ منا لا يريد أن يكون ناجحاً فيحصل على مكونات النجاح من الثروة والعقار والشهرة والنجاح في العمل والإنجاز في مجال الاهتمام، كل هذه طموحات مشروعة لكل إنسان عاقل، والأعقل والأذكى من هؤلاء هم مَنْ يريدون الفوز بالسعادة في هذه الحياة، وبالسعادة فيما بعد الموت، في الحياة الآخرة، فتجدهم حريصين على أن تتناغم حياتهم مع ما شرع الله وإذا أخطأوا أسرعوا مستغفرين تائبين. كل هذا حسنٌ جميل، لكن لا بد أن نعلم شيئاً عن فلسفة الشعور، وأنه من غير المفيد أن يقول المؤمن المنزعج من وضعه المالي – مثلاً – : (الحمد لله على كل حال) وشعوره يصرخ: (ربي أهانن). لماذا أعيش في هذا الفقر المدقع بينما يتمتع الآخر بهذه الثروة؟ هو لا يستحق هذه الثروة؟ لقد أخذ منها أكثر مما يستحق؟ ربما أنه جمع هذا المال من التجارة في المخدرات. وهكذا يمضي هذا الشخص في الإمعان في إحداث الانفصام بين ما يشعر به، وبين تحقيق أحلامه، فهذه المشاعر السلبية لا يبقى معها طاقة تقوى على تحقيق تلك الأحلام، لأنه انشغل بما هو خارج ذاته، انشغل بما لا ينفعه. بينما تحقيق الأحلام لا يؤدي إليه إلا السير على دروب الرضا. هذا تناقض لا ينتبه له كثيرون، والتناقض وإن كان واقعاً في حياة الناس، وطبيعي أن يكون منهم، إلا أنه يُحدث الضرر البالغ على الروح والجسد والعقل، ما لم يتجاوزه العاقل بتأسيس التناغم بين ما يقول ويفعل من جهة، وبين ما يشعر به من جهة أخرى. أنت لم تختر والديك، ولم تختر البلد الذي ولدت فيه، ولم تختر لونك ولا طولك ولا ملامحك، وكل هذا الذي يحيط بك ويشكِّل حياتك هو شيء – في الغالب – خارج عن إرادتك. ماذا يمكنك أن تفعل؟ توقَّف عن المقاومة، فمقاومة القدر من أشد العذاب، غيّر ما لا يمكنك قبوله، واقبل ما لا يمكنك تغييره، فكل ما هو واقعي هو حقيقي أيضاً، بمعنى أنه كان نتيجة كمعطيات حتمية لا محل للصدفة فيه، فاقبل عالمك كما هو. تناغم معه، وابتسم له، وتعوَّد أن تُخرج من قلبك كل مرارات الاعتراض، لأنها لن توصلك لشيء، لن توصلك إلا لمزيد من الألم. إذا علمت هذا، ستكون قد وضعت قدمك تجاه طريق التناغم مع الأحلام. ماذا تريد أن تكون؟ أتريد أن تكون من أهل الإيمان، إذن يجب أن تشعر كما يشعرون، كيف يمكن تحقيق هذا الشعور؟ يمكن هذا بالمجالسة والاستماع والإصغاء، هكذا ينبت الشعور. تريد أن تكون من أهل الثراء والإنجازات الدنيوية؟ طبق الطريقة نفسها أيضاً، فالنجاح يحتاج دوماً لنفسٍ قوية مشبعة بالطاقة. القضية مدارها من أولها إلى آخرها يدور حول الشعور، فاضبط مشاعرك بحيث تتناغم مع طريق النجاح. هكذا تجد نفسك في دروب الرضا.