لا أحد يستطيع أن يُلغي دور منطقة جازان الواقعة في الجنوب الغربي للمملكة، وأبنائها في المساهمة الفعالة لبناء هذا الوطن الغالي الذي فداه أبناء جازان بدمائهم وأرواحهم واستطاعوا تمثيل المملكة محلياً وعربياً وعالمياً في جميع المجالات الفكرية والتطبيقية، العلمية والعملية، ولعل علماءها ورموزها ومفكريها يجسدون واقعاً ملموساً ولا أحد ينكر تلك النقلة التي شهدتها جازان خصوصاً بعد زيارتي الملك عبدالله بن عبد العزيز أطال الله بقاءه والذي وعد فأوفى، وقدم الغالي قبل الرخيص لأبنائه في جازان أسوة بإخوتهم في باقي مناطق المملكة ولكن يبدو أن وزارة الصحة تحول دون ذلك فمنطقة بحجم منطقة جازان كماً ونوعاً، لا تمتلك جهازاً واحداً لقسطرة القلب تخيلوا منطقة بأكملها بكل محافظاتها ومدنها وقراها وعدد السكان الذي يبلغ أكثر من (1,365,110 نسمة) تفتقر مستشفياتها إلى جهاز قسطرة القلب حتى المستشفيات المركزية منها (وهو مستشفى واحد فقط). فمنطقة بحجم منطقة جازان لا يوجد بها غير مستشفى مركزي واحد لاحظ من البحر حتى الجبل ومن عسير شمالاً إلى حدود اليمن جنوباً. والكل يعرف أهمية هذا الجهاز لحياة البشر خصوصاً ليس للعيش فحسب وإنما في قدراتهم الصحية والمعيشية خصوصاً وأنه يتعامل مع أهم أعضاء الجسم ومدى قدرته في معالجة وإصلاح أمراض القلب وترميمه والجلطات وما يتمخض عنها. فكثير من الحالات التي تصل مستشفياتنا تحتاج وجوداً فورياً لهذا الجهاز المهم مما يضطر أهل المريض لنقله إلى مستشفيات أخرى خارج المنطقة إن كانت الحالة تسمح بينما جغرافية المملكة واتساعها تقف دون ذلك ليموت المريض وهو في الطريق أو ينتظر الإخلاء الطبي أو البحث عن رحلة طيران، هذا إذا كانت حالته تسمح، بينما كثير من الحالات لا تسمح أصلاً بنقل المريض. الأمر الذي يجعلك تترقب وتنتظر لحظات الموت لمن تحب وكأنك في مشهد (هوليودي) من فيلم رعب، دون أن تستطيع فعل شيء له ليبقى الموت مصير المريض والحسرة تلازم ذويه. وجميعنا يعلم بأن خادم الحرمين الشريفين «حفظه الله» وضع حجر الأساس لمدينة جازان الطبية التي تبلغ مساحتها 100.000متر مربع وسعة 1000 سرير وقالوا إن المرحلة الأولى ستنتهي في 1430ه، وهاهي السنوات تمضي والمشروع مازال متعثراً، ولا نعلم متى سيفرج عنه كي يوقف حالات التدهور اليومي الذي يحدث في منطقة مثل جازان. كما سمعنا من مدير عام الشؤون الصحية في المنطقة أن هناك مستشفيات مركزية وتخصصية سيتم افتتاحها قريباً، وتحتوي على جهاز قسطرة للقلب، ولكن ستكون جاهزة خلال 3 سنوات فهل ستنتظر أمراض القلب والموت والحسرة للإنسان في جازان 3 سنوات أخرى. في حين أن الوزارة تستطيع توفيره في شهر واحد فقط وأقل وفي جميع محافظات المنطقة، علماً بأنها أصبحتْ من أبسط العمليات بل من عمليات اليوم الواحد وبتخدير موضعي، نَجزم أن الوطن لن يبخل على أبنائه بتوفير هذه الخدمة بجميع المحافظات فما بالنا إن كان الأمر يتعلق بمنطقة متنوعة التضاريس مابين سهل وجبل وساحل بحجم جازان؟.