الطفل في باكورة حياته يعيش ضمن محيط الأسرة والبيت، ومع التطور التقني أصبحت المواقع الإلكترونية محيطاً آخر يحويهم وقد يغنيهم عن واقعهم، والطفل في مراحل نموه من سن السادسة حتى الرابعة عشرة تعد من أهم المراحل في تكوين وصقل شخصيته حتى يصبح فرداً نافعاً لمجتمعه. لذا فهو بحاجة إلى نظام صالح يحقق له الشعور بالطمأنينة ويبين له الخير من الشر وحدود الحرية والفوضى، وهكذا تصبح معالم الحياة واضحة أمامه، فماذا عن بيئته الإلكترونية!! العدد المهول من المعلومات والأفكار التي يتلقاها الشخص الناضج في عالم يضج بالتناقضات قد يشتته. صراعات سياسية وتشكيك في المذاهب والأديان تجعل الفكر في حالة من الضياع، والطفل قد ينشأ في بيئة اجتماعية غير صحيحة لا ترسخ له قيماً أو مبدأ فتجعل حياته مبعثرة وأقرب إلى حالة من الضياع والاستقامة، ومن خلال الواقع نجد أن جميع الظروف في عالم الإنترنت مهيأة لانحراف الطفل من جميع النواحي، وبذلك قد نخسر أفراداً كان من المفترض أن يكونوا معتدلين في الفكر وحاملين قيماً أخلاقية عالية، لو أننا هيأنا لهم عالماً إلكترونياً تحت رقابة الوالدين وتعزيز الرقابة الذاتية وإعطائهم قدراً كافياً من التوعية الفكرية في ظل المواقع الإلكترونية، فالتربية الصالحة أصبحت تشكل هاجساً يلاحق المربين الواعين بخطورة تلك المواقع، حيث إننا نجد أن الطفل يعيش مع جهازه أكثر من واقعه الحقيقي والبيئة هي من تشكله كما تشاء، ولنا أن نتخيل عدد الأشخاص غير السويين وأصحاب الفكر الضال وأصحاب المواقع الإباحية والمسيئين للدين وللعلماء وغيرهم ممن نخاف على أبنائنا منهم، وهم يعيشون بيننا ويلقنون أبناءنا أفكارهم الهدامة عبر هذه التقنية التي اقتحمت منازلنا دون رقابة واعية. إن تربية الأطفال أصبحت أصعب مما هي عليه في السابق، وأعظم إنجازاً يمكن أن نفعله هو كسب أبنائنا وأطفالنا الذين يعتبرون الاستثمار الحقيقي في هذه الحياة. الطفل يتشكل بمن يعجب به وينظر للأمور بزاوية أدق وبتركيز يختلف تماماً عن منظورنا، وأفكار أبنائنا اليوم تنبئنا بمستقبلهم، والمبادئ التي صقلناهم عليها في النشأة هي التي ستبقى معهم. فإن كانت سيئة لن تغيرها الصرامة، لذا علينا الحرص على تكوين اللبنة الأولى لأطفالنا كي لا تقع الفأس في الرأس، وعلينا أن لا نبالغ في الحرية إلى الحد الذي يجعله يمضي كما يريد. ولا نركنه للفوضى والصخب القادم عبر عالم الإنترنت، فالطفل كنزٌ إما أن نكسبه أو نفقده.