ارتفاع أسعار النفط إلى 81.63 دولارا للبرميل عند التسوية    «أبل» تستعد لإبهار العالم بتحديثات كبيرة في مؤتمر المطورين    الفرصة ما تزال مهيأة لهطول أمطار على مكة وجازان وعسير والباحة    وزراء خارجية 10 دول افريقية يشددون على الحاجة لإصلاح مجلس الأمن الدولي    «وزير الخارجية فيصل بن فرحان بحث مع لافروف الجهود المبذولة تجاه الأوضاع الإقليمية والدولية    وزير الداخلية يتفقد المشاريع التطويرية في المشاعر    حمزة إدريس مساعداً إدارياً في الاتحاد    صّيف في الباحة تراها أروق    بدء منع دخول المركبات غير المصرحة للمشاعر المقدسة    وزير الإعلام يدشن "ملتقى إعلام الحج" بمكة    بينالي الفنون الإسلامية 2025 بجدة    "الصحة": ارتفاع درجات الحرارة أكبر تحديات الحج    البديوي يرحب بقرار مجلس الأمن لاعتماد الاقتراح الجديد لوقف إطلاق النار بغزة    الرئيس التنفيذي للمساحة الجيولوجية يناقش التعاون الجيولوجي في كازاخسان    أمن الحج.. خط أحمر    «الدفاع المدني»: تجنبوا الزحام وراعوا كبار السن في المسجد الحرام    ربط رقمي لحوكمة إجراءات التنفيذ الإداري    تعزيز بناء الجدارات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بغرفة الشرقية    مانشيني ل«عكاظ»: المنتخب سيذهب لكأس الخليج بالأساسيين    إثراء يفتح باب التسجيل في مبادرة الشرقية تبدع بنسختها الخامسة    هل يصبح عمرو دياب منبوذاً ويواجه مصير ويل سميث ؟    بأمر خادم الحرمين: استضافة 1000 حاج من ذوي شهداء ومصابي غزة استثنائياً    عربات كهربائية للطواف والسعي    اللامي ل«عكاظ»: ناظر سيعيد العميد لطريق البطولات    لميس الحديدي تخطت السرطان بعيداً عن الأضواء    الأمير عبدالعزيز بن سعود يقف على جاهزية قوات أمن الحج    توفير الوقت والجهد    وزارة الداخلية تصدر قرارات إدارية بحق (10) مخالفين لأنظمة وتعليمات الحج    طقس حار إلى شديد الحرارة على الشرقية والرياض والقصيم    نائب أمير مكة اطلع على المشاريع وخطط التشغيل.. المشاعر المقدسة.. جاهزية عالية لاستقبال ضيوف الرحمن    عبدالعزيز بن سعود يرعى الحفل الختامي للمنتدى الأول للصحة والأمن في الحج    وزير الداخلية يتفقد عددًا من المشاريع التطويرية في المشاعر المقدسة    كأس العالم للرياضات الإلكترونية يطرح الحزمة الثانية لتذاكر البطولة    للمعلومية    يتصدر بنسبة نمو 67 %.. " روشن".. قفزة نوعية في" السوشيال ميديا" عالمياً    أمير المدينة يوجه باستمرار العمل خلال أيام إجازة عيد الأضحى    أفضل أيام الدنيا    نجاح تدابير خفض درجات الحرارة في الحج    غزة.. مشاهد موت ودمار في «النصيرات»    "ميتا " تزوّد ماسنجر بميزة المجتمعات    مريضات السكري والحمل    استثمار الوقت في الأنشطة الصيفية    " نبتة خارقة" تحارب تلوث الهواء    ساحة المحاورة تحتاج إلى ضبط    أندية المدينة.. ما هي خططك للموسم القادم ؟    "نادي نيوم" يتعاقد مع البرازيلي رومارينيو    لماذا يشعر المتبرعون بالسعادة ؟!    الحويزي.. المفاوِضُ الناجح من الثانية الأولى!    الحج.. أمن ونجاح    الرئيس المتهم!    خط أحمر.. «يعني خط أحمر»    إخراج امرأة من بطن ثعبان ضخم ابتلعها في إندونيسيا    منصة إيجار.. الإلزامية لا تكفي ولا تغني عن الشفافية    البذخ يحتاج لسخافة !    الدفاع المدني يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية المتنقل "لا حج بلا تصريح" بجدة    نائب أمير الشرقية يطلع على أنشطة «تعاونية الثروة الحيوانية»    عرض عسكري يعزز أمن الحج    محافظ القريات يرأس المجلس المحلي للمحافظة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أناس من ورق
نشر في الشرق يوم 27 - 11 - 2013

يتعرض السوريون لكل أنواع الموت يومياً، الموت قصفاً، والموت تفجيراً، والموت قنصاً، والموت هرباً، والموت جوعاً، والموت برداً، والموت عطشاً، والموت قهراً وذلاً وغربة، يتعرض السوريون للذل وامتهان الكرامة والطرد وعدم الترحيب ورفض اللجوء والحصار في مطارات العالم، وفي الدول العربية الشقيقة والدول الغربية غير الشقيقة، يتعرض السوريون للتشرد ولخطر الموت وهم هاربون تاركين لمياه البحر أن تحمل أقدارهم ولخفر السواحل ولتجار البشر، يتعرض السوريون لأقصى أنواع القهر وهم يرون أطفالهم يقتلون أمام أعينهم بكل وسائل الحرب القذرة، ويرون أبناءهم يختفون من أمام أعينهم ليعودوا إليهم جثثاً منكلاً بها بحقد لم يعرفه البشر يوماً، يتعرض السوريون لكل أنواع الألم وهم يرون مستقبل بلادهم مختطفاً من عصابتين لا تقلان تطرفاً وظلامية وفاشية وطائفية: عصابة النظام وحلفائه، وهي المسؤولة مباشرة وأولاً عما وصلت إليه حال سوريا وحال السوريين، وعصابة القاعدة ومرتزقتها في العالم، التي استغلت حال الفوضى السورية لتستقر هناك وتفرض ظلاميتها على السوريين مدعومة بغض نظر دولي وتجاهل من دول الإقليم يشي بتواطؤ جمعي وموافقة على ما يحدث في سوريا المنكوبة، يتعرض السوريون للخوف الدائم من مستقبل بات في علم المجهول، ومن حاضر يحمل في لحظاته كل أسباب الموت، ومن ماضٍ أوصلهم إلى هذا البلاء وهو يرفض أن يبقى ماضياً، يتعرض السوريون للخيبة ويتذوقون علقم الخذلان والمرارة حين يتم اتهامهم بالعمالة أو بالخيانة أو بالظلامية أو بالتطرف من قبل جيرانهم وأشقائهم العرب حكومات وشعوباً، وهم الذين كانوا عبر التاريخ أهل التسامح والاعتدال وقبول الآخر المختلف، وهم الذين كانت بلادهم وقلوبهم مفتوحة للغريب زائراً كان أم لاجئاً هارباً، يتعرض السوريون يومياً للموت حسرة وهم يرون العالم تقوم قيامته ولا تهدأ حين تحصل حادثة ما في العالم الأول وتودي بعدد من الضحايا، فإذا ما كان الضحايا أطفالاً فالأمر يتحول إلى ما يشبه الكارثة التي تجعل الدول تعلن استنفارها، وتجعل المنظمات الدولية المعنية تضع كل جهودها وإمكاناتها وخبراتها للتعويض لأهالي الأطفال والضحايا، وقد تستقيل حكومات وتتم إقالة رؤساء دول إذا ما حصلت حادثة ما في ذلك العالم الأول، يتعرض السوريون مع الأسف المميت وهم يرون أن ثمة ثمناً مرتفعاً للطفل غير السوري وللإنسان غير السوري وللجنسية غير السورية، وأن ثمة قيمة للدم البشري وللحم الآدمي وقيمة لإنسانية الفرد ولحقه في الحياة ولحصته في المستقبل، إن لم تكن صفة سوري تتبع اللحم والدم والفرد والحياة والمستقبل، وكأن العالم انقسم إلى قسمين هما: البشر ولهم كل حقوق الحياة، والسوريون المحرومون اليوم من أبسط حقوق الحياة، ويتم التعامل معهم بصفتهم فائضاً عن العالم وبدون أية قيمة، فلا أطفالهم يشبهون أطفال العالم ولا شبابهم كذلك، فما الفرق إذاً إن ماتوا مائة موتة، وإن عاشوا في مخيمات تشبه العار وإن بقَوْا في بلادهم تحت وقع الموت المتنقل؟! يكشف حال السوريين اليوم عورة العالم وعورة الإنسانية وعورة الجنس البشري حين تعرى الجميع صمتاً وتواطؤاً مع الموت والقتل والدمار ضد الكائن السوري الفرد والمجتمع، كاشفين عن أكبر كارثة أخلاقية في ضمير هذا العالم الذي يرى في الوقوف مع القتلة والمجرمين ما يؤمن مصالحه، أو الذي يضع ضميره في درج مقفول مطمئناً إلى صمته حين يحيل مسؤولية ما يحدث إلى السوريين أنفسهم، الذين انتفضوا طلباً للكرامة والحرية والعدالة، ومسمياً ما يحدث بالحرب الأهلية، ويصمت عن قاتلهم أو يدعمه سراً وعلانية أو يشارك في قتلهم بذريعة محاربة الإرهاب أو يغض النظر عن الموت الذي استوطن بيوتهم بذريعة النأي بالنفس عن شأن داخلي!
يكشف ألم السوريين اليوم عورة المجتمع الدولي، الذي يرى فيهم أناساً من ورق يمكن تمزيقهم في أية لحظة، ويمكن حرقهم، ويمكن إعادة تشكيلهم ويمكن رميهم، ويمكن تلطيخهم، ويمكن تفتيتهم، ويمكن استعمالهم حسب رغباته ومصلحته، يكشف ألم السوريين وقهرهم وحزنهم وأسفهم وخوفهم وموتهم اليومي كل تلك العورة الفاضحة للبشرية، لكنه في القتل نفسه ينذر البشرية نفسها بموت أعم وبحزن أعم، وبقهر أعم، وبخوف أعم، هي اللعنة القادمة، لعنة الدم السوري الذي حولوه إلى ماء مراق، ولعنة اللحم السوري الذي حولوه إلى تراب، ولعنة الجسد السوري الذي حولوه إلى ورق؟

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.