الأرجنتين.. تلك الدولة القابعة في أقصى أمريكا الجنوبية (جنوباً) احتجنا أكثر من (36) ساعة منذ انطلقنا من مطار الرياض حتي نصل عاصمتها بيونس آيرس.. بلاد جميلة ساحرة أهلها يعشقون الحياة والفن لذا تكثر المتاحف والمسارح وعروض رقصات التانجو وملاعب كرة القدم حيث الحكاية الأخرى من مارادونا حتى ميسي.. بُعد المسافة هوّن علينا ذلك الاستقبال والحفاوة من مستضيفينا أو من الشعب الارجنتيني الذي يتشكل من عدة شعوب من الكرة الأرضية بما فيها العرب الذين يمثلون نسبة جيدة بحضورهم الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي في الارجنتين، وتوج هذا الحضور بترؤس(كارلوس منعم) وهو من أصل سوري لجمهورية الارجنتين واحتل العرب هناك نسبة كبيرة من الحضور في البرلمان وحكم بعض الأقاليم. كانت زيارتنا مرهقة ومتعبة لتواصل السفر والتنقل، ففي اليوم الأول لنا في بيونس آيرس العاصمة زرنا أكثر من ستة مواقع تمثلت في قلب المدينة المسلة والمتحف وعدد من الساحات التاريخية ومركز خادم الحرمين الشريفين الملك فهد الثقافي الإسلامي في الارجنتين والذي افتتح عام 2000م وهو منارة علم وثقافة ودين سعودية عربية إسلامية في الارجنتين. أهم المعلومات عن الأرجنتين أثناء جولاتنا المتعددة لم تترك المرشدة السياحية رولينا المرافقة للوفد الإعلامي السعودي فرصة إلا وتعطينا كنزاً من المعلومات كنا نجهله عن تلك الدولة الصديقة وتحدثنا عن أنها ثاني كبرى دول أمريكا الجنوبية وهي أكبر دولة ناطقة بالأسبانية وثامن أكبر دولة على مستوى العالم مساحة.. وعدد سكانها 40 مليون نسمة، وتقع بين المحيط الأطلسي شرقاً وجبال الانديز غرباً وتحدها تشيلي جنوباً وغرباً والبرازيل والأورغواي شمال شرق وبوليفيا وبارغواي شمالاً وسميت بالأرجنتين تيمناً بلفظ أرجينيوم ويعني الفضة. سكنها المستوطنون منذ (2022) عاماً ووصلها الاسبان في القرن ال(16) وتأسست بيونس آيرس عام 1536م وأصبحت عاصمة البلاد عام 1776م.. وهي أكثر مدن أمريكا الجنوبية سكاناً وتأخذ مبانيها الشكل الأوروبي وتشتهر بأسواقها التقليدية التي تمتلئ بالجلديات والحلوى وخاصة الشوكولاتة والمأكولات المتنوعة والخضار والفواكه.. والطراز المعماري في بيونس آيرس الذي يمثل ثقافة معمارية أوروبية متنوعة ويسحرك في الارجنتين جنونهم بكرة القدم ويزورها الكثيرون الذين يحرصون على حضور المباريات الكبرى كما حصل للزملاء في الوفد الإعلامي الذين حضروا مباراة الكأس بين فريقي ريفربليت وكيمليس وفاز بها الأول خمسة صفر وشهدنا احتفالية الفوز في الساحة الرئيسية من خلال شرفة بجناح خاص في فندق بانا امريكانو المطل على الميدان الذي استضافنا للعشاء تلك الليلة التي أقمنا فيه ليلة جميلة في ختام الرحلة. فروع النهر العظيم أعطت المدن الصغيرة خاصة (تايقرا) جمالاً غير عادي وتمتاز الارجنتين بالمناخات المتعددة طيلة السنة، فهناك مناطق دافئة وأخرى باردة إلى درجة التجمد وأكثر أوقات السنة حرارة أيام رأس السنة الميلادية والبرد يكون في أشده في منتصف العام بسبب موقع البلاد في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية ويتم إغلاق الجزء الجنوبي من الإرجنتين خلال شهور الشتاء نظراً لتساقط الثلوج وانخفاض درجة الحرارة إلى ما تحت الصفر.. وهذا ما شهدناه قبل نحو شهر من الآن في كالافاتي حيث الجليد. في ثاني أيام الزيارة توجهنا إلى منتجع ريفي يبعد عن العاصمة نحو 250كم يضم فندق 5 نجوم يستقبل ضيوفه بعزف موسيقي واستعراض بالخيول وتفاجأنا بالعلم السعودي يحمله الخيالة إضافة إلى علم الأرجنتين وفرنسا بوجود سكان فرنسيين.. تناولنا أطيب المأكولات من لحم الضأن المشوي واستمتعنا بالأجواء الريفية ضيافة وطقسًا وعرضًا للخيول واستعراضات ألعاب الفروسية واسمه (لا بامبادي اركو) وقضينا يوماً جميلا يميل للبرودة زاده جمالاً كرم الضيافة ومدفأة تتوسط صالوناً ريفياً بديعاً. يومنا الثالث كان مبكراً رحلة إلى مدينة تيقرا عبر النهر بمركب سياحي اطلعنا خلالها على آلاف المنازل الريفية وروعة وخضار الطبيعة وهي من أجمل المدن الصغيرة وحسب إفادة المرشدة السياحية فإن حاكمها أمين وصادق ومحبوب ولذا الكل يتجاوب معه في تطوير المدينة وجمالها ونظامها وأمنها وأصبحت قبلة للزاور والسياح بالآلاف يومياً من بيونس آيرس وغيرها من المدن وتصلها المؤونة والمواد الاستهلاكية عبر مراكب تجارية صغيرة تعبر النهر لايصال احتياجات الناس في منازلهم ويتسع النهر كثيراً في مناطق ويضيق في مناطق أخري وكانت من أجمل الرحلات اليومية في الارجنتين. مركز الملك فهد الثقافي الإسلامي.. منارة إشعاع سعودية عربية إسلامية إنسانية في أمريكا الجنوبية العرب يتواجدون بكثرة في الأرجنتين.. كارلوس منعم أصبح رئيساً لعدة سنوات كالافاتي (3) ساعات طيران لأجل جبل الجليد طرنا مبكراً في يومنا الرابع من بيونس آيرس متجهين جنوباً نحو مدينة كالافاتي منطقة الجليد والثلوج والأنهار والجبال العالية والسهول والصحراء.. والطقس كان بارداً جداً (5) درجات تحت الصفر واستعددنا بالملابس الثقيلة وفور وصولنا للفندق خرجنا بزيارة للمتحف البسيط الذي يحكي تاريخ المنطقة ومنه توجهنا إلى متنزه لوس جلاسيايس الوطني لنستمتع بمشاهدة جبل بيرينو مورينو الجليدي الجميل الذي يشهد زيارة الآلاف من المواطنين والسياح يأتون خصيصاً لمشاهدة الكتلة الجليدية الضخمة، وهُيئت سبل الراحة للوصول إلى المتنزه عبر رحلة تستغرق حوالي ساعتين عن المدينة ثم مركب بحري يوصلك إلى الكتل الجليدية وسط برودة طقس هائلة ونشاهد تساقط الجليد على بعد 300 متر حفاظاً على سلامتنا ونحن في السفينة. وهناك تجهيزات مريحة للسياح من مطاعم ومقاهٍ وتصوير وخلال رحلة الزيارة نستمتع بمشاهدة الثروة الحيوانية من خيول وأبقار وطيور الفلامنجو وأماكن مثالية لصيد الأسماك. وشاهدنا كتل الثلج الزرقاء وهي تتساقط في منزل لا يشاهد إلا في مثل هذا المكان لتلتقط عدسات المصورين السياح بكاميراتهم وجوالاتهم أجمل وأبدع الصور مع الانهيارات الجليدية أو الجبال الثلجية وتابعنا في يومنا الخامس في كالافاتي زيارة متنزة وطني جميل ومرتفع جدا عبر حافلة دفع رباعي صعدت بنا إلى قمة الجبل الغريب العجيب التي تغطيها الثلوج والمياه وبها حيوانات متعددة وأشجار وزهور يستفاد منها في العطارة والعلاج والأكل واستُغلت قمة الجبل الذي يرتفع حوالي 1000كم للألعاب الجبلية مثل سباق الدراجات والتلفريك الذي ينقل الزوار في التزلج من مدخل الحديقة إلى قمة الجبل وتشتهر هذه الجبال بصخور الجرانيت المتعددة الألوان والأحجام. الأسبوع القادم تقرير عن مركز الملك فهد الثقافي السعودي بالأرجنتين بالمنتجع الريفي فوجئنا بالعلم السعودي مع الخيالة للترحيب بنا وسط العاصمة وقلبها النابض تحيط به المتاحف والفنادق الفاخرة ومقرات الحكومة الرئيسية الوفد الإعلامي السعودي مع القائمين على مركز الملك فهد الثقافي الإسلامي أمام المركز بعد صلاة الجمعة يتوسطهم سطام قدور والشيخ علي الرويلي إمام جامع المركز ود.محمد بن سند الحربي مدير المركز الزميل سليمان العصيمي بالقرب من الكتل الجليدية الثلجية في كالافاتي
