أكثر الانتقادات والمعارضات الموجهة لترشح المشير عبدالفتاح السيسي رئيسا لمصر: هي بأنه رجل عسكري، تلك الادانة التي تلغي صفة المواطنة عن العسكري وتبعده عن المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية، بسبب الثقافة العسكرية، ولو توقف المعارض لترشح السيسي عند تلك الثقافة وتفحص مكوناتها لاستطاع ان يوجه انتقاده لمنطقة أخرى غير العسكرية، فالعسكر هم الافراد الذين يختبر انتماؤهم الوطني قبل التحاقهم بالقطاع العسكري، ويتم التأكد من تاريخهم السياسي ويحرم عليهم الانتماء لحزب سياسي، فهذه الثقافة تقوم على اعتبارات وطنية نقية من التحزب والانتماءات الضيقة سواء لجماعة دينية أو عرقية، فالعسكري مواطن رضي ان تختبر مواطنته ويفحص سلوكيا وفكريا قبل ان يكون عسكريا، اختبار لو تم تطبيقه على بعض الوزراء ربما لا يتجاوزونه، فإن كانت اشتراطات العسكرية قائمة على اعتبار الدفاع عن سيادة الاوطان وحماية أرواح الشعوب، فهذه الشروط تصنع قائدا بدون ان تنقص من اعتبارات الناس شيئا. تبقى تجربة الشعب العربي مع حكم العسكر هي التي تحكم على نجاح العسكر في ادارة شؤون البلد، وللأسف ان تلك التجارب غير مشجعة على الاطلاق بسبب كارثيتها على الشعوب، ولكن عدم نجاحها بالاساس يعود للسياسة وليس للعسكرية، فالامراض بالاصل هي امراض سياسية، فالزعيم العسكري في التجربة العربية أراد ان يحتفظ بهيبة العسكري ووطنيته عن طريق النفاق السياسي وفشل. المشير السيسي يختلف عن العسكر السابقين في الظروف والشعب والمرحلة، فالرجل لم يصنع تحالفا دوليا ليحكم شعب مصر ولا إغراءات الاخوان منعته من أن يحمل روحه على كفه من أجل مصر، فإن لم يكن مرشحا محتملا للرئاسة فهو قائد شجاع عند أغلب الشعب المصري، فالمشير السيسي هزم الاخوان بفشلهم السياسي وبإرادة الشعب، وليس بطموحه السياسي والقوة العسكرية. دعاية الاخوان ترتكز على شرعية صندوق الانتخاب الذي أحرقه الشعب المصري، ومن هذا الصندوق نكتشف فشل الاخوان، فالاعتبارات التي دفعت الجماعة للترشح للرئاسة هي اعتبارات خارجية وحزبية وليست وطنية، فالمعروف ان الاخوان قدموا الوعود بعد 25 يناير بأنهم لن يترشحوا للرئاسة ولكنهم تخلوا عن تعهدهم للشعب المصري، فالاسباب التي جعلتهم يتخلون عن التزاماتهم، هي الاسباب التي عجلت بخروجهم من الحكم، من هذه الاسباب طلب حلفائهم بالخارج بأن يسعوا بكل قوة للوصول لسدة الحكم، هكذا كانت تريد الارادة السياسية الخارجية، وليس إرادة الداخلية، فمن الطبيعي ان لا يحتمل شعب ثائر الاملاءات الخارجية، التي تريد أن تكون ثورة مصر وشعبها ورقة مساومة لتحقيق مصالحها، ومن هذه الدول الخارجية التي دفعت بالجماعة للتخلي عن وعودها وتترشح للرئاسة دولة عربية تريد أن تشتري مصر عن طريق وكلائها من جماعة الاخوان. السيسي ليس مرشح الضرورة وليس مرشح المؤسسة العسكرية ولكنه مرشح الارادة الشعبية التي رفضت بيع مصر للخارج.