بالغ بعضنا في الحديث عن حقوق المرأة حتى وصل الأمر الى اقتراح وزارة للمرأة. إن طرح هذه الفكرة أساسا يعبر عن واقع يحتاج الى تطوير لكن هذا الطرح يرسخ فكرة تقسيم المجتمع في القضايا الادارية والاجتماعية ولا يخدم حقوق المرأة كما يتصور أصحاب الاقتراح. وبمعنى آخر فإن مؤسسات الدولة وأجهزتها هي للإنسان دون تمييز ولو أوجدنا وزارة للمرأة فهذا يعني أنها من كوكب آخر ولا بد من جهاز خاص يوظفها ويخدمها ويدافع عن حقوقها وبالتالي فإن منظمات حقوق الانسان سوف تدافع عن الرجل فقط بحكم أن المرأة أصبح لها وزارة خاصة بها. المرأة تطورت أحوالها مقارنة بسنوات ماضية، واصلت مسيرتها في حقل التعليم وحققت انجازات وابداعات وتفوقا، ودخلت ميدان العمل في مجالات متعددة. وصلت الى مراكز قيادية، أصبحت عضوا في مجلس الشورى وسوف تصبح وزيرة في قادم الأيام. أصبحت شريكا فاعلا مؤثرا في مسيرة الوطن وتنميته. هل بعد كل ما تحقق نطرح فكرة وزارة المرأة فنعيدها الى الوراء ونرسخ فكرة أنها انسان مختلف؟ إن دعم حقوق المرأة وفرصها وخدمتها لا تحتاج الى وزارة خاصة بها. دولة المؤسسات كفيلة بخدمة الجميع وتوفير الفرص للجميع محكومة بمعايير الكفاءة والجدارة. أما حقوق المرأة فهي حقوق الانسان بشكل عام وهي موجودة في ثقافتنا الاسلامية والاسلام دين مساواة وعدالة. المرأة في ثقافتنا الاسلامية هي انسان كامل الأهلية وكامل الحقوق واذا كانت المرأة تعاني في بعض المجتمعات من الظلم أو ضآلة فرص المشاركة أو النظرة الدونية فإن الحل ليس وزارة المرأة بل وزارة الانسان (أقصد حقوق الانسان). إن السلوك الذي يأمرنا به الاسلام هو التعامل الانساني مع الجميع واحترام حقوق الجميع وتطبيق النظام على الجميع، واذا كانت بعض الممارسات أو العادات مخالفة للقيم الاسلامية فإن الحل بالتأكيد ليس انشاء وزارة للمرأة وانما تطبيق النظام وتطوير الخطاب الديني والتربوي وبرامج التثقيف بحقوق الانسان. وزارة المرأة لو أوجدت سوف تكون أكبر وزارة في العالم لأنها ستضم فروعا لكل الأجهزة. سيكون فيها فرع للأحوال المدنية والجوازات وديوان المظالم والصحة والتعليم، والعدل، والكهرباء والمياه، والشؤون الاجتماعية وكافة فروع منظومة أجهزة الدولة. هنا يجب التنويه والتذكير بقرار سابق بأنه يوجد فروع نسائية في الأجهزة الحكومية وهو قرار يحتاج الى متابعة وتفعيل. وأخيرا، وبعد كتابة هذا المقال قرأت خبرا يقول أن المتحدث الرسمي لمجلس الشورى يؤكد عدم وجود مقترح بالمجلس يتعلق بإنشاء وزارة تختص بشؤون المرأة. وكان من أطرف التعليقات على هذا الخبر قول أحدهم: إنه التغريب يا قوم معبرا عن معارضته للفكرة. عندها اكتشفت أنني ضد التغريب دون أن أدري.