لم يخطر ببال أحد ذلك العمل المبهر الذي قدمه أبناء الزلفي حين حل الفريق الكبير بتاريخه وجماهيريته وحضوره الإعلامي الهلال لينازل فريق المحافظة الجميلة على ملعبه في الدور ثمن النهائي من كأس خادم الحرمين الشريفين، إذ كان الوقت ضيقاً لتقديم عمل مميز يفرض احترام الزلفي وشبابها على الجميع، فقبل التأهل لملاقاة الهلال، وقبلها لم يتوقع أحد أن ينجح الفريق(البرتقالي)الطموح بإقصاء الشعلة الذي بات أحد الفرق الصعبة في دوري (عبداللطيف جميل)، لكن الزلفي فجر أكبر المفاجآت ورفض أن يكون ضيف شرف، ليتأهل لمواجهة (الزعيم) وهي المواجهة التي تتطلب إعداداً كبيراً وتنظيماً دقيقاً ومحكماً حتى تظهر الزلفي المحافظة الكبيرة بفريقها الطامح بشكل ينزع الإعجاب، وهو ماحدث، إذ يكفي القول أن أبناء الزلفي نجحوا في تطبيق فكرة المقاعد المرقمة، وهو مشروع بدا وكأنه حلم من الصعب تحقيقه، فضلاً عن سرعة صناعة كراسي متحركة لتزيد بها سعة ملعب المباراة الجماهيرية. نجح أبناء الزلفي في إنهاء هذين الملفين بجهودهم الذاتية وبإمكاناتهم المحدودة، فلم يضطروا للتعاقد مع شركات في تركيا أو بريطانيا، ولم يتعطل وصول الكراسي إلى الميناء ولم يجد الأمر أي تعقيدات بيروقراطية، بل سارت الأمور بسلاسة وانتهت إلى نجاح لوي أعناق الرياضيين، كما لايمكن إغفال مسارعة إدارة النادي وشرفييه لتحسين أرضية الملعب، إذ وعلى الرغم من شكوى لاعبي الهلال من أرضية الملعب، إلا أن المظهر الذي كان عليه ملعب المباراة أفضل بكثير مما كان عليه قبل أن يبدأ العمل به، فمن يتابع الصور التي انتشرت عبر وسائل التواصل لأرضية الملعب قبل وبعد العمل على تحسينها يلحظ مدى الجهد الذي بُذل من أجل الوصول إلى الحد الأدنى من جودة أرضيات ملاعب كرة القدم. نجاح أبناء الزلفي، أحرج من صوّر للرياضيين أن الوصول لمستوى مرضٍ من الاحترافية في التنظيم واحترام الجماهير والتسويق للمناسبات الرياضية أمر من الصعب تحقيقه، وكأن تحسين أرضية ملعب واستحداث بوابات وترقيم مقاعد الجماهير وزيادة الطاقة الاستيعابية للملاعب أمر معقد، فمن يشاهد سوء وبطء العمل في العديد من المنشآت الرياضية في المملكة ويضعه في ميزان المقارنة مع العمل الذي شهده مقر الزلفي، سيكتشف أين الخلل الذي أعاق الكثير من الأندية وزاد من معاناتها في الحصول على منشآت رياضية محترمة بسبب البيروقراطية وضعف المتابعة والمحاسبة أثناء تنفيذ المشاريع، ليتساءل الرياضيون كافة عن مكامن الخلل، الذي لايبدو أنه يتجاوز العزيمة والإصرار والطموح الذي قاد (الزلفاويين) إلى هكذا نجاح. بقي التأكيد على أن ماشاهده الرياضيون كافة في ملعب الزلفي، يوجب على أبناء هذه المحافظة والنادي مضاعفة الجهود من أجل إبراز فريقهم ودفعه للمنافسة والوصول إلى درجات أعلى، فالزلفي تستحق وأبنائها يستحقون الظهور في واجهة كرة القدم السعودية، وما قدمه الفريق أمام الهلال يعطي مؤشرات على قدرة الفريق على تطوير إمكاناته والتقدم في خارطة كرة القدم السعودية.