المملكة وأذربيجان.. تعاون مشترك لاستدامة أسواق البترول ومعالجة التغير المناخي    رئيس مجلس القيادة الرئاسي يوجه بسرعة العمل على فتح الطرقات وتقديم المساعدة    صدور بيان مشترك بشأن التعاون في مجال الطاقة بين المملكة وجمهورية أذربيجان    الفيحاء يتغلب على الاتفاق بهدفين في دوري روشن    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الخسارة أمام أبها    ميتروفيتش: لم نحسم لقب الدوري حتى الآن    أبها يهزم الاتحاد بثلاثية قاسية في رحلة الهروب من الهبوط    الهلال يتغلب على التعاون بثلاثية ويقترب من اللقب    إدانة المنشأة الغذائية عن حادثة التسمم الغذائي وإغلاق فروعها بالرياض والخرج    بايرن يُجري عدة تغييرات أمام شتوتجارت    نمو الغطاء النباتي 8.5% بمحمية "الإمام تركي"    توسيع نطاق الاستثناء الخاص بالتصرف العقاري    مدير «الصحة العالمية»: الهجوم الإسرائيلي على رفح قد يؤدي إلى «حمام دم»    "درع الوقاية 4".. مناورات سعودية – أمريكية بالظهران    بعد نحو شهر من حادثة سير.. وفاة نجل البرهان في تركيا    31 مايو نهاية المهلة المجانية لترقيم الإبل    غداً.. منع دخول المقيمين لمكة دون تصريح    تركي الفيصل يرعى حفل جائزة عبد الله بن إدريس الثقافية    «الدفاع المدني» محذراً: التزموا البقاء في أماكن آمنة وابتعدوا عن تجمُّعات السيول    موعد مباراة الهلال القادمة بعد الفوز على التعاون    الشرطة تفرق اعتصاما مؤيدا للفلسطينيين في معهد الدراسات السياسية بباريس    المعرض السعودي للإضاءة والصوت SLS Expo 2024 يقود التحول في مستقبل الضوء الاحترافي والصوت    القبض على أشخاص لترويجهم المخدرات في عدد من مناطق المملكة    الفوزان: : الحوار الزوجي يعزز التواصل الإيجابي والتقارب الأسري    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    جامعة الإمام عبدالرحمن تستضيف المؤتمر الوطني لكليات الحاسب بالجامعات السعودية.. الأربعاء    "ريف السعودية": انخفاض تكاليف حصاد المحاصيل البعلية بنسبة 90%    الجمعية السعودية للإعاقة السمعية تنظم "أسبوع الأصم العربي"    الصحة العالمية: الربو يتسبب في وفاة 455 ألف إنسان    إشعار المراسم الملكية بحالات سحب الأوسمة    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    تحويل حليب الإبل إلى لبن وإنتاج زبد يستوقف زوار مهرجان الألبان والأغذية بالخرج    الذهب يتجه للانخفاض للأسبوع الثاني    الأهلي يقسو على ضمك برباعية في دوري روشن    " عرب نيوز" تحصد 3 جوائز للتميز    "تقويم التعليم"تعتمد 45 مؤسسة وبرنامجًا أكاديمياً    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    المملكة: صعدنا هموم الدول الإسلامية للأمم المتحدة    وفيات وجلطات وتلف أدمغة.. لعنة لقاح «أسترازينيكا» تهزّ العالم !    ب 3 خطوات تقضي على النمل في المنزل    136 محطة تسجل هطول الأمطار في 11 منطقة بالمملكة    شَرَف المتسترين في خطر !    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    لجنة شورية تجتمع مع عضو و رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الألماني    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية ويشهد تخريج الدفعة (103)    قصة القضاء والقدر    كيف تصبح مفكراً في سبع دقائق؟    كيفية «حلب» الحبيب !    من المريض إلى المراجع    أمير جازان يطلق إشارة صيد سمك الحريد بجزيرة فرسان    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    مركز «911» يتلقى (2.635.361) اتصالاً خلال شهر أبريل من عام 2024    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    ما أصبر هؤلاء    هكذا تكون التربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إثارة الغبار لن تعيق مسيرة الجنادرية!
نشر في الرياض يوم 11 - 02 - 2014

الجنادرية أصبحت بشهادة المراقبين مشروعا تنويريا تراثيا انسانيا، وهي قادرة على تجاوز ما يعيقها من اقوال منافية لنبل أهدافها ومناقضة لدورها بدليل انها تحمل في مكوناتها احترام ثوابت الدين والدولة وفضاءات الفكر والثقافة والمعرفة
عندما تقترب من الرياض المدينة، تلمح وأنت في الطائرة كثبانا رملية شاسعة ثم لا تلبث ان تظهر امامك واحة عصرية بحجمها المهيب وبنيانها وطرقها وجسورها. ورغم ان العاصمة الشامخة تتعرض من حين لآخر لهبوب رياح وموجة غبار لينقلب نهارها ليلا، الا أن هذا لا يمنع حركتها الدائبة ولا يقاوم هديرها الاحتفالي بالإنجاز وقدرة الانسان وتفاعله الذي لا يتوقف ولا يهدأ.
هي بذلك لا ترضخ للظروف المناخية ولا يقف امامها حاجز او مانع فهي ورشة عمل تموج بالأنشطة والمؤتمرات والملتقيات والفعاليات. هذه الرياض بعوالمها وكذلك هي الجنادرية.
هذا المشهد تراءى امام ناظري فتأملته ما دفعني لمحاولة فهم، قدر جهدي، أسباب التهجم والقدح وسياط النقد الموجهة للجنادرية بدليل خروج البعض علينا بمواقف مسبقة تجاهها. تساؤلات جالت في خاطري لتشكل صورة مجازية تعبر عن نفسها بامتياز، فما الجنادرية سوى صورة من صور الرياض في مسارها التنموي والحضاري بدليل انطلاقها نحو افق التنوير، متجاوزة كل العوائق والعراقيل التي تهدف لتقويض إشعاعها التاريخي والثقافي والتراثي ومكتسباتها الزاخرة الممتدة من سماحة الشريعة الى لآلئ التراث وكنوزه.
وحسناً فعل النشط عبدالمحسن التويجري نائب وزير الحرس الوطني، والذي ارتهن للشفافية والشجاعة والصراحة عندما طالب الأصوات التي تحرم الحضور إلى الجنادرية بأن عليهم أن يراجعوا أنفسهم، مشيرا إلى أن "المهرجان لم ينطلق من فراغ، ويحمل في طياته مضامين عميقة عن تراث وثقافة وأصالة المملكة". بل وكان عقلانيا ومنصفا عندما طالبهم بالبحث والمجيء والتبصر قبل إطلاق الاحكام والفتاوى.
طبعا من المعلوم ان كل مشروع فكري لا بد وانه يسعى للارتقاء بالمجتمع علما ووعيا وإدراكا وذائقة. والحقيقة ان الجنادرية تترجم تلك الرؤية على الأرض فلم يعد جديدا القول الذي تراكم عبر سنوات عدة في ان المهرجان يحترم عقل الانسان ويضع التاريخ في المكان الذي يليق به، فميزته المزاوجة بين المتناقضات ليجعل للمتلقي حرية القرار في نهاية المطاف، ما يعني انه يتفاعل مع نبض الحدث ويفتح الباب للعصف الذهني جالبا كل الاطياف والاصوات والرؤى دون تحيز لهذا الطرف او ذاك.
ومع ذلك ففي كل المجتمعات هناك شريحة تقف ضد العمل الناجح لأسباب متعددة ليست بالضرورة اجتماعية او دينية او ثقافية بقدر ما ان هدفها هو إعاقة هذا المشروع او ذاك لأنه فقط يتعارض مع مصلحتها او اجندتها.
وسبق ان اشرت لهذه الشريحة من قبل في مواقف ممانعة مشابهة الا ان المثير هو ان الممارسات هي ذاتها كونها استفزازية واندفاعية وخارج نطاق المنطق ما يجعلها تتنافى مع النسق المجتمعي العام وتصطدم مع فطرته، ولذا فهي بمثابة محاولة لإثارة الغبار والبلبلة وتشويه المنجز الحضاري رغم المكاسب الكبيرة التي حققها للدين والدولة والمجتمع.
على أن هناك من يرى أن استمرار ظهور تلك التصرفات من وقت لآخر هو بسبب كثافة ثقافة الممانعة التي تعني الجمود والسكون، والتمسك بالمألوف، والخشية من الجديد بل ورفضه.
هذه الثقافة شكلت نمطا من وعي التخلف في عمقها وفي تركيبتها من بعض المفاهيم والتقاليد والتصورات والممارسات، ما ساهم في صناعة قناعات سلبية تنتمي لدائرة التخلف، ولعل أحد أهم صوره تتمثل في الأحكام الجزافية، والتركيز على القشور وصغائر الامور ناهيك عن غياب الرؤية العقلانية.
ولكي نمضي الى مزيد من الشفافية نقول إن بطء دورة التغيير في المجتمع تنعكس بطبيعة الحال على قدرة نموه وتطوره وعيا وثقافة، وان كان هناك افراد يدفعهم مستواهم الفكري باستشعار ضرورة التغيير الا انهم يرفضون ذلك ويتمسكون بقناعاتهم على الاقل علنا لان قبولهم بفكرة التغيير قد يعني ربما فقدان او ضياع مصالح او مكانة او نفوذ، ولذا فهذه الفئة تمارس دورا رافضا ومحبطا في دفع مسار تطور المجتمع.
هذه الممارسات تعيد بنا الذاكرة الى بعض التصرفات التي قامت بها فئة رافضة ومعطلة للتغيير معينة في أكثر من مكان حكومي بدعوى تقديم اعتراض على قرارات للدولة سبق ان أعلنتها، وهو سلوك مستنكر ومرفوض شرعا وقانونا بدليل انها انطلقت من قناعات ومفاهيم مجتمعية في المقام الاول لا علاقة لها لا بالشرع ولا المناصحة وإن حاولوا الادعاء بذلك، فالمسألة هنا ليست انعكاسا لمطالبات شعبية بقدر ما هي محاولات رافضة لقرارات تنموية وحضارية ما يعني مساسا بهيبة الدولة واستقرار المجتمع.
غير ان المهم ان المسألة هنا لا تتعلق بالشرع او بالنصوص الدينية وإنما حالة من الاشتباك والتداخل ما بين النص والعادة كرستها ثلة من المتشددين الذين يجدون صعوبة في فك هذا الاشتباك المتخيل في الذهن. ولذلك فغياب الوعي هو بالتأكيد أزمة الازمات، لأنه طالما ان الذهنية لازالت تلامس القشور، ولا يثير اهتمامها إلا الشكليات دون المضمون، فان إعاقة نمو المجتمع ستبقى مهيمنة بأدواتها داخل نسيج المجتمع.
صفوة القول: الجنادرية أصبحت بشهادة المراقبين مشروعا تنويريا تراثيا انسانيا، وهي قادرة على تجاوز ما يعيقها من اقوال منافية لنبل أهدافها ومناقضة لدورها بدليل انها تحمل في مكوناتها احترام ثوابت الدين والدولة وفضاءات الفكر والثقافة والمعرفة، وعبق التاريخ واصالة وامجاد وطن!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.