يخطئ من يعتقد أن الصحافة مازالت تنتظر في برجها العاجي نتاج الحراك الدائم والمستمر للجوانب التقنية، ذلك التطور السريع الذي يدور حولها في وقت كثرت فيه الأقاويل بأن هذا التحرك من شأنه زعزعة بلاط صاحبة الجلالة، الأمر الذي جعلها تسارع لمد يد "الصداقة" للتقنيات الحديثة بالإضافة إلى أن البعض تحلى بالجرأة والشجاعة لتكون صفحات اعداده حاضنة للتزاوج بين الصحافة والوسائل الجديدة. "الإنفوجرافكيس" القادم الجديد لعالم الصحافة الورقية والإلكترونية على حد سواء يرى فيه البعض مستقبلا مشرقا في دمج الرسومات والمعلومات في تصاميم جذابة للقارئ خصوصا في وقت تؤكد فيه الدراسات الخاصة بالاستيعاب أن 40% من الأشخاص يتفاعلون بطريقة أفضل مع المواد التي تحتوي على مؤثرات بصرية أكثر من المواد التي تحتوي على نصوص كتابية فقط، كما أن 90 % من المعلومات التي يحفظها الدماغ معتمدة بصورة كبيرة على الجانب البصري. عند البحث عن تعريف دقيق وعلمي لهذا الفن الجديد لسهولة فهمه يصدم الباحث بتعدد التعاريف وذلك لتداخل أكثر من فرع فيه، فالبعض يراه "إعادة ترتيب المعلومات بشكل أسهل معتمدا على عدة أساليب مثل الشكل، الألوان، والرسومات" بينما يراه البعض عبارة عن "رسم بياني لمساعدة فهم أو استيعاب قصة بطريقة أفضل"، وعن مدى أهمية المجال الجديد يرى جون جريمود رئيس قسم الجرافيكس في "كوندي ناست" الشركة المتخصصة في نشر ما يزيد عن 18 مجلة متخصصة بالإضافة إلى 27 موقع إلكتروني أنه: "من الجيد تلخيص 20 عاما من المعلومات المذهلة والكثيرة في رسمة"، من جانبها كريس فبيسلمان المتخصصة في الرسومات تعلق قائلة: "نحن حاليا نعيش في عصر الانتقال من الرسومات الاعتيادية إلى عصر المعلومات المصورة". فكرته تعتمد على إعادة ترتيب المعلومات بشكل أسهل بعدة أساليب وعن بداية ظهور الإنفوجرافيكس تؤكد ليندا فوريست من "فرانسيس موران" ان لا شيء جديد في هذا المجال لكن السنوات الحالية شهدت اهتماما كبيرا على الانفوجرافيكس من المستخدمين والصحفيين، الأمر الذي تذهب إليه المتخصصة مروة عماد والتي تؤكد عبر أحد المقاطع التي تشرح فيها عن المولود الجديد أن البعض يربطون بين الرسوم البدائية والفن المنتشر حديثا، حيث تؤكد الدراسات التاريخية إلى أن أول ظهور للرسم البياني كان عام 1786 م، بينما ظهر الرسم الدائري عام 1801م، الأمر الذي تطور لظهور الشخصيات في الرسوم البيانية عام 1936م، وتؤكد مروة أن أول حساب للإنفوجرافكس على توتير أنشئ عام 2011. وعن الظهور الفعلي لهذا النوع من الفن تؤكد مروة بأن عام 2005 – 2006 شهد الإعلان الأول للإنفوجرافيكس بالشكل الذي نعرفه حاليا حيث لم يتعدَ عدد الرسومات في ذلك العام الخمسة فقط، بينما قفز في العام الذي يليه إلى 750 رسمة، وتواصل الارتفاع في اعداد الرسومات نظرا للإقبال الكبير من القراء بالإضافة إلى تفاعل الصحف ومختلف وسائل الإعلام مع هذا النوع من البيانات الأمر الذي أوصل العدد إلى 350 ألف رسمة في 2010، هذا الانفجار المعلوماتي والرسوماتي بلغ ذروته في عام 2011 حيث ظهر ما يزيد عن ملوني رسمة في مختلف وسائل الإعلام. هذا الزخم الكبير الذي يحظى به الإنفوجرافيكس جعله مطلبا مهما وملحا لرواد تسويق المحتوى او للمسوقين بصفة عامة خصوصا بعد تأكيد بعض الدراسات او المواقع التي تهتم بتطور هذا الفن أنه على الأقل مدونة واحدة تبث رسما جديدا يوميا، تضيف فوريست مجددا: "الرسومات الجيدة هي إضافة واضحة لجهود تسويق المحتوى لأنها يمكن أن تكون جذابة جدا للمشاركة" وتؤكد أنها تعتبر نتاجا طبيعيا للتقارب بين الصحافة وتسويق المحتوى. جازفت الصحف بتجربته.. ومسوقو المحتوى وجدوا فيه «رهاناً كاسباً» وكأي مجال جديد يرى البعض ان الدخول إلى عالم "الإنفوجرافيكس" يعتبر مجازة خصوصا ان القراء سيجدون صعوبة في فهم الرسومات في البداية لأنها تحتوي على عدد كبير من البيانات لذا يضع المختصون مجموعة من القواعد المهمة والتي على الصحافي او مسؤول تسويق المحتوى أخذها في عين الاعتبار لضمان إيصال فكرته وتتضمن هذه النصائح إعداد أبحاث كافية عن الفكرة التي سيتم التطرق لها، بالإضافة إلى جمع المعلومات المراد ابرازها في التصميم، وفي موضوع متصل ترى "تجسيد" أول مسابقة عربية لتصميم الإنفوجرافيكس أن التصميم الناجح لا بد ان يمر بمجموعة من المراحل المهمة فالبداية تكون من البحث عن فكرة رائعة يليها الرسم المبدئي والذي يجب أن يكون بسيطا بعيدا عن التعقيد، ثم تأتي مرحلة تنقيح التصميم وفيها يجب على المصمم التركيز على الصور وقدرتها على اقتناع القارئ، بعد ذلك المرحلة النهائية وتتضمن التأكد من عدم تكرار المعلومات بالإضافة إلى ارفاق المصادر التي استخدمها المصمم. الجدير بالذكر ان «تجسيد» هي اول مسابقة عربية أطلقت للتعريف بفن الإنفوجرافيكس ونشر طريقته الفريدة في عرض المعلومات وتحقيق انتشاره باللغة العربية والمساهمة في دعم المحتوى العربي، كما تهدف البادرة إلى تحفيز المواهب العربية والمصممين والمبدعين العرب للاستفادة من هذا الفن الحديث وأدواته لدعم المحتوى العربي الإبداعي على شبكة الإنترنت. «العرب والإعلام» للمصمم محمد البسامي الفائز بالمركز السادس في الموسم الثاني من «تجسيد»