سرح القلب في عشب روض الندم وامزج الدمع من جفن عينك بدم واغتنم يا فتى صحتك والفراغ فإن لابد ذو صحةٍ من سقم واحبس النفس عن تبع طرق الهوى قبل ما يا فتى بك تزل القدم واحتزب ضنك عيشٍ نشأ بالجسد ربما صحةٍ عقب مس بالألم يا قليل العزا يا خلي الهموم كن لما أمرتك بالمساوي خصم إتقظ وإتعظ وأتمر واعتبر وانتظر للفرج في شديد اللزم ربما شدةٍ تقتحم في العشا والفرج في غدٍ ضيقة المقتحم من سفاهك متى يا فتى تنتهي بان فيك المشيب والصبا انهزم دون ليل الصبا حال صبح المشيب وأنت كنك بعد ما بلغت الحلم المشيب احتضر والشباب ارتحل من نذير الفناء بالك ان تنم واترك الغي وامسك بكف الهدى العروة الوثقى التي ما تنقصم عن لذيذ الكرى قم بداجي الظلام ارم جلباب الكسل والتئني وقم ثم صل اربعٍ واربعٍ يا فتى واربعٍ بعدهن بالوتر اختتم ثم من بعدهن للكريم اشتحذ لمن اوجد السبع الطباق بعد العدم جامع الناس ليوم لا ريب فيه جابر العظم من بعدما ينقصم ذو جلالٍ يرى ما يلج بالثرى واحترك في غسق ذي ثلاث ظلم أولٍ آخرٍ ماله مبتدا فك وسر العسر بعدما ينعجم باقيٍ سرمدٍ ما له منتهى لم يزل للخلايق حكيمٍ حكم واحد ليس له في نقير شريك لا ولا في جليلٍ عظيم الجسم كم رفع من وطى وكم وحط من علي شامخٍ مشمخرٍ رفيعٍ أشم لم يزل للعطا فوق بحر الندى باسطٍ للملا بطن كف الكرم يالطيفٍ بنا ياعفوٍ غفور يا لمن بالضماير خفيٍ علم يا روافٍ بنا يا رحيمٍ ودود بعض حلمك يسع ما جنته الأمم لو رمينا بسهم البلا في زمان وجادنا صرف الوقت والسنين الدهم فان حبل الرجا لم يبارح بنا فيك يا باعثٍ باليات الرمم بعد هذا النبا يا ردي العزوم دع متى وعسى وقمينٍ وقم اسأل الله بسر اسماه مقتدي بالتي في القصص جاريٍ للامم وأسألك بالذي سالك النبي فيه يا إله البرايا يا ولي العزم واسألك بالذي سألك جبريل فيه والكتاب الذي به جميع الحكم واسألك بعده يا إله الأنام أسألك بالذي جر رأس القلم وبجاهك عليك العظيم اسألك رحمةٍ للملا والصحاري تعم نقطة للبهايم والخلايق تجي من بحور الكرم حين ما تلتئم رايحٍ راجحٍ مدجنٍ كالدجى آنيٍ ضاحكٍ باكيٍ منسجم سايحٍ جارحٍ هايم كلما لاسندتها الصبا ابتنى وارتكم مرهشٍ من عليٍ يحط الحيود بالوطا والغثا فوق روس السلم كن مزنه الى ما بدا من بعيد في دقاق السدى بالفضا مرتدم شامخات الذرا من شواهق طويق دونهن الهبا بالضحى مبترم ضاحكٍ بارقه باكيٍ وابله نصف عشرٍ وخمسٍ علينا يتم وانجلى ما بنا من ركام السحاب واشبت الارض من بعد سح الديم وانقلب سو ظن الخلايق حسن من فرج ما رجو من عظيم النقم والحرابل من رغد عيشها ناصبات بالطرب راقيٍ فوق روس الأكم واصبح الورق بين الورق ساجعات يطرد الهم عنها بحسن النغم وانبت الخد من كل زوج بهيج ووجدت بالفضا كل صنفٍ عدم من عطا واحدٍ ما يمل النوال قسمةٍ جت لنا من خيار القسم وختم نظمي صلاةٍ على المصطفى ما أضا بالدجى بارقٍ مبتسم الشاعر: هو محسن بن عثمان الهزاني من بلدة الحريق ولد عام1145ه وتوفي عام1240ه وقد اشتهر (رحمه الله) بغزلياته ومغامراته العاطفية وقد اختلقت عليه بعض القصص، وله مراسلات عديدة مع شعراء عصره، ولشهرته الواسعة بالغ بعض الجماعة وقالوا انه أول من أدخل الأوزان السامرية على الشعر النبطي وكذلك أنه أول من أدخل النظم المروبع وهذا خطأ ينفيه الواقع التاريخي لقصائد شعراء من قرون سابقة للقرن الذي عاش فيه محسن الهزاني. دراسة النص: كنت في المقال السابق عن الشاعر محسن الهزاني (رحمه الله) قد تطرقت إلى تغير أسلوبه الشعري في بعض نصوصه التي تعتبر مقاربة للفصيح والتي لو لم توثق وتتواتر بين الرواة لجزمنا أنها لشاعر آخر، وبتفحص قصائد الشاعر نجد أن هذا الأسلوب ظهر جلياً في أربعة نصوص فقط تختص بالموعظة والتضرع إلى الله بالدعاء، بينما يختلف الأسلوب في النصوص الغزلية، وهنا يرجح لدي أن هذه النصوص الأربعة قد قيلت بعد أن تقدم عمر الشاعر وانصرف عن ملذات الدنيا وقد اشار الى ذلك في قصيدة الاستغاثة التي سنتناولها في مقال آخر: وامح لي سيتي واعفني زلتي أنني في آخر العمر محل الزلل ففي النص الذي بين يدينا بدأ الشاعر قصيدته متحدثاً بلسان الواعظ المجرب الحريص في نصحه للشباب على التوبة والرجوع عن الخطأ وأن يستشعروا الحسرة والندم على ما فعلوه من أخطاء لذلك جعل الندم روضة يقتات عليها قلب التائب وأن يطهر نفسه ويغسلها بالدموع الصادقة ويتفق هذا مع ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن (الندم التوبة) فالندم على ما فات شرط من شروط التوبة النصوح، وشاعرنا وظف هذا المعنى بأسلوب رائع كما أن الشاعر ينصح الشباب أن يستغل فراغه وصحته التي تدوم وعليه أن يعود نفسه على الانضباط ويعسفها على فعل الطاعات ويلزمها طريق الرشاد ولا ينساق وراء أهواء النفس فتزل به قدمه إلى الهاوية، وأن يصبر على ضنك العيش حتى وإن أثر ذلك على جسده فربما في ذلك صحة له، وان عليه الالتزام بجميع الأوامر والنواهي الربانية وعندما يشتد عليه الضيق وتتأزم الأمور فليوقن بأن الفرج من الله قادم وهو قريب، ثم إن الشاعر يزجر كل من ظهر عليه الشيب وهو ما زال سادراً في غيه بأن يضع حداً لهذه السفاهة، فالشيب إنما هو نذير فناء له وعليه أن يتجه إلى الله ويتمسك بالعروة الوثقى وان يحيي الليالي بالقيام ويجتهد في العبادة ويصلي متهجداً في ليله اثنتي عشرة ركعة ويختمها بالوتر وأن يتوجه لله وحده بأمنياته فيسأله وهو الكريم الذي لا يرد سائلاً ولا تخفى عليه خافية، ثم أن الشاعر يدعو الله متضرعاً إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ويسأله بما سأله به النبي صلى الله عليه وسلم أن يغيث البلاد والعباد، ويصف بأسلوب جميل تكون السحاب وارتعاش البرق وانهمار المطر بغزارة وجريان الشعاب والأودية بالسيول وكيف أن الأرض بعد ذلك تكتسي بالخضرة ويظهر أثر ذلك على الناس والدواب والطيور.