في تاريخنا المعاصر تتكرر مواقف البعض وطريقة تحريكهم لشبابنا وتحويلهم لحطب الاشتعال او الاسر.. في أفغانستان ذهب شبابنا بغرض الجهاد وفعلاً تم تحويلهم دون رحمة لجدار الصد الاول لحماية مصالح من اختبأوا في الجبال وحققوا بذلك مصالح أمم ارادت رسم خريطة مصالحها الجغرافية.. والثمن كان ارواح شبابنا قتلى او أسرى، وتم تحويلهم من بناة تنمية مدنية الى حملة فكر ارهابي يرى الجهاد في قتل الابرياء، ويرى الجهاد في تفجير امته.. بعد ان اختلط عليه الكثير من الامور.. ثم انتشرت جثث شبابنا بين افغانستان والشيشان والعراق.. وبقي محركوهم يتمتعون بالحياة المترفة مع ابنائهم وزوجاتهم.. بل وتجاوزوا كل ذلك بتعليم ابنائهم عند بلاد الافرنجة الكفرة ونهل ابناؤهم العلم المتقدم من بلد الكفرة.. اما ابناء غيرهم فمنوط بهم تنفيذ خطط هؤلاء ممن يسعون لمصالحهم الخاصة تحت عباءة الدين.. والان تتكرر الصورة ولكن بمشهد آخر الاختلاف في جغرافية المكان.. نعم الاصوات تعلو اليوم منادية شباب العرب عموما للجهاد، وتنادي بقوة بوجوب الجهاد وإعانة الضعيف.. بالمناسبة مازال ابناؤهم خارج دائرة المناط بهم الجهاد ليس لانهم غير مدربين على القتال وغيرهم تم تدريبه ولكن لانهم اساسا محاطون برعاية آباء يدركون عن وعي ان تلك الرحلات ليست جهادا.. اليوم ارتفع صوت المنادين بالجهاد.. صوتهم هذه المرة اصبح اكثر وضوحا وأعلى صوتا وأوسع جغرافية، انطلق صوتهم جهورا ينادي شباب الامة بالجهاد ومساعدة اخوانهم في الشام.. يستثيرون الهمم ويؤكدون على ضرورة مناصرة اخوتنا في الشام مع تحريك همم الشباب بتعميق الالم من خلال صورة المرأة في المشهد حيث يتم قتلها واغتصابها وتهشيم رؤوس صغارها امام عينيها.. ولم تخل القصة من تأكيد وجود الكرامات بين مجاميع المجاهدين بشكل يؤكد يقينهم من غياب العقل والتدبر عند مستهدفيهم.. اليوم التاريخ يعيد نفسه وتتكرر الصورة ولكن بضحايا جدد وربما مع الانفتاح الاعلامي وارتفاع درجة الاحباط بين الشباب العربي يزيد العدد وبالطبع سوف تتضخم السلبيات والنتيجة ان هؤلاء إما سيموتون دون منجز بشري يقدره التاريخ أو سيعودون لاوطانهم واسرهم وقد شوهتهم الحرب وحولتهم لطاقات سلبية هاجسها العنف والقتل..! من ينادي شبابنا بالجهاد هو في الواقع مثير فتنة ومتناقض مع منهج الاسلام الذي اكد على ضرورة الالتزام بموقف حاكم البلاد قبل المناداة للجهاد فالامر ليس خروجاً لرحلة، والمصلحة هنا ليست فردية بل هي مرتبطة بمصالح أمة وشرعية دينية..، ولان الامر له مخاطره الآنية والمستقبلية فيجب ان يقف الجميع ضد هذا الخطاب ليس بالصمت او الرفض الناعم بل بكشف الاقنعة وابراز اهداف هؤلاء وكشف مخططاتهم الدنيوية وأن هؤلاء الشباب ليسوا سوى وقود مصالح افراد ارتدت الاسلام عباءة لاقناع الاخرين بصلاحهم ثم تسخيرهم لمطامعهم ومطامع تنظيماتهم السياسية.. ايضا لابد من قوة الخطاب السياسي والتأكيد على المنع ومن ذهب تهريباً او بالتحايل فهو مسؤول عن نفسه والدولة غير مسؤولة عما يترتب على ذهابه للجهاد في أي مكان وهو يمثل نفسه ولا يمثل مجتمعه بالامس دفعوهم للجهاد في افغانستان والعراق.. وبعد أسرهم حملوا الدولة امرهم وضرورة الدفاع عنهم.. واليوم ايضا يدفعونهم للجهاد في ارض الشام دون ادنى مخافة من الله او محاسبة للنفس.. تحت اي راية سيقاتلون وهل الجهاد بمفهومه الاسلامي موجود اليوم في تلك الحرب، ام هو مخطط لابد من اكتماله وان أُبيد فيه شباب الاسلام وبقي جباة الاسلام يتنعمون بخيرات تلك الحروب..؟