النيابة العامة: إدانة مواطن بجريمة تزوير شيكات تقدر ب أكثر من 34 مليون ريال منسوبة لجمعية خيرية    الصناعة والثروة المعدنية تعلن تخصيص مجمعين لخام الرمل والحصى في بيشة    «الداخلية»: القتل تعزيراً لنيجيري هرّب الكوكائين إلى السعودية    470 ألف مستفيد من فعالية الإعلانات الرقمية    "مسبار" صيني يهبط على سطح "القمر"    الأهلي يلاقي الأهلي المصري في اعتزال خالد مسعد    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    أرامكو تبدأ طرح 1.5 مليار سهم    تواصل تسهيل دخول الحجاج إلى المملكة من مطار أبيدجان الدولي    "الصحة العالمية " تمدد مفاوضات التوصل إلى اتفاقية بشأن الأوبئة    «الصهيونية المسيحية» و«الصهيونية اليهودية».. !    البرلمان العربي يستنكر محاولة كيان الاحتلال تصنيف الأونروا "منظمة إرهابية"    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    السعودية تتوسع في تجربة تبريد الطرق بالمشاعر المقدسة لمعالجة "ظاهرة الجزيرة الحرارية"    كارفخال يشدد على صعوبة تتويج الريال بدوري الأبطال    ارتفاع ملموس في درجات الحرارة ب3 مناطق مع استمرار فرصة تكون السحب الممطرة على الجنوب ومرتفعات مكة    عدا مدارس مكة والمدينة.. اختبارات نهاية الفصل الثالث اليوم    جنون غاغا لا يتوقف.. بعد أزياء من اللحم والمعادن.. فستان ب «صدّام» !    توجيه الدمام ينفذ ورشة تدريبية في الإسعافات الأولية    جامعة بيشة تحتفل بتخريج الدفعة العاشرة من طلابها    أمير تبوك يهنئ نادي الهلال بمناسبة تحقيق كأس خادم الحرمين الشريفين    «الشؤون الإسلامية» بالمدينة تفعّل خدمة «فعيل» للاتصال المرئي للإفتاء بجامع الميقات    غرامات وسجن وترحيل.. بدء تطبيق عقوبة «الحج بلا تصريح»    المملكة تستضيف بطولة العالم للراليات 2025    الهلال.. ثلاثية تاريخية في موسم استثنائي    الإسباني" هييرو" مديراً رياضياً للنصر    فرنسا تستعد لاحتفالات إنزال النورماندي    التصميم وتجربة المستخدم    مقاطع ريلز التجريبية أحدث ميزات «إنستغرام»    لهو الحيتان يهدد السفن في المحيط الأطلسي أرجعت دراسة ل "اللجنة الدولية لصيد الحيتان"، سبب    صندوق الاستثمارات يتصدر العلامات التجارية الأعلى قيمة    الدفاع المدني يواصل الإشراف الوقائي في المسجد النبوي    إحباط تهريب 6,5 ملايين حبة كبتاغون في إرسالية "إطارات كبيرة"    «المدينة المنورة» صديقة للتوحد    «تراث معماري»    تكريم «السعودي الأول» بجائزة «الممارسات البيئية والحوكمة»    تعزيز العلاقات الاقتصادية مع ايطاليا    بعضها أغلق أبوابه.. وأخرى تقاوم.. تكاليف التشغيل تشل حركة الصوالين الفنية    اطلاق النسخة الثالثة من برنامج "أيام الفيلم الوثائقي"    البرامج    قصة القرن 21 بلغات العالم    قيصرية الكتاب: قلب الرياض ينبض بالثقافة    روبوتات تلعب كرة القدم!    المملكة تدعم جهود الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار    "أسبلة المؤسس" شهود عصر على إطفاء ظمأ قوافل الحجيج منذ 83 عاماً    توزيع 31 ألف كتيب لإرشاد الحجاج بمنفذ البطحاء    آرسنال يقطع الطريق على أندية روشن    تركيا: تكاثر ضحايا هجمات الكلاب الشاردة    إصدار 99 مليون وصفة طبية إلكترونية    ورشة عن سلامة المختبرات الطبية في الحج    توصيات شوريَّة للإعلان عن مجالات بحوث تعزيز الصحة النفسية    ثروتنا الحيوانية والنباتية    بلد آمن ورب كريم    وزير الداخلية يلتقي أهالي عسير وقيادات مكافحة المخدرات ويدشن مشروعات جديدة    مشروع الطاقة الشمسية في المركز الميداني التوعوي بالأبواء    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأراجوز صوت الهامشيين
نشر في الرياض يوم 11 - 10 - 2012


الكتاب: الأراجوز المصري
المؤلف: نبيل بهجت
الناشر: المجلس الاعلي للثقافة
صدر عن المجلس الاعلي للثقافة كتاب "الأراجوز المصري" باللغتين العربية والانجليزية جمع ودراسة وتوثيق د نبيل بهجت، وهو مدير مركز إبداع بيت السحيمي واستاذ المسرح بجامعة حلوان.
يتناول الكتاب مسرح الأراجوز الشعبي بالنقد والتحليل واعتمد الكتاب على سبع رواة ما زالوا يمارسون هذا الفن حتى الآن،وضع المقدمة أستاذ الفلكلور د احمد مرسي ثم جاء التمهيد الذي عرض فيه مؤلف الكتاب للدوافع التي حثته علي إنجاز هذه الدراسة، كما عرض لتجربته مع خيال الظل والأراجوز فيقول( لم تكن تجربتي مع الأراجوز وخيال الظل مجرد دراسة أتقدم بها لنيل درجة علمية أو أقدمها للقارىء، بل كانت تجربة حياة بدأت منذ عشر سنوات واستمرت حتى هذه اللحظة، أحيا بها ومعها محاولاً إعادة هذه الفنون إلى الحياة مرة أخرى، لإيماني الشخصي بأن التراث الشعبي أحد مصادر تشكيل الوعي المصري والتأريخ للذاكرة المصرية. ومن ثم كان شعار تجربتي: "إن لدينا ما يستطيع أن يعبر عنا"، واتخذت "ومضة" اسماً لفرقتي التي أسستها لإحياء هذه الفنون بمعنى: "بريق في الظلام الدامس" لتلفت الأنظار إلى الإمكانيات التى يمتلكها مجتمعنا للنهوض مرة أخرى.
وتعتمد العروض التي قدمتها الفرقة علي مدار عشر سنوات على الأراجوز وخيال الظل كلغة أساسية تمتزج بالراوي والغناء الشعبي والرقص الشعبي أحياناً، بهدف الاستفادة من إمكانيات الفرجة الشعبية لتحقيق حالة مسرحية مصرية نجحنا إلى حد كبير في الوصول إليها)
وجاء الفصل الأول جاء تحت عنوان: النشأة والمكونات، وناقش فيه تاريخ نشأة الأراجوز وعرض الكتاب لمكوناته بداية من الدمى ووسائط العرض، والعناصر البشرية، وأثر بعض الفنون الشعبية الأخرى، وكذلك لنمر الأراجوز المختلفة. يقدم الفصل الاول تعريفا بالأراجوز وتاريخه ونشأته فهو من أشهر الدمى الشعبية في مصر على الإطلاق، رغم انحساره في الآونة الأخيرة لقلّة عدد فنّانيه ولسطوة وسائل الإعلام الحديثة، إلاّ أن شهرته مازالت كما هي، بل إن الكثيرين يستخدمون لفظة أراجوز للدلالة على معان مختلفة في معجم الحياة اليومية للمصريين.
ولقد تواجد فن الأراجواز في الحياة المصرية منذ زمن بعيد، حيث أشار الرحّالة التركي أولياجيلي في كتابه "سياحتنامة مصر" إلى أحد الفنانين في القرن العاشر الهجري الذين كانوا يلاطفون المرضى بدمى خشبية فتتحسن حالتهم .
وقدم علماء الحملة الفرنسية وصفاً مفصّلاً له جاء فيه: "وقد شاهدنا في شوارع القاهرة عدة مرات رجالاً يلعبون الدُّمى، ويلقى هذا العرض الصغير إقبالاً كبيراً، والمسرح الذي يستخدم لذلك بالغ الصغر، يستطيع شخص واحد أن يحمله بسهولة. ويقف الممثل في المربع الخشبي الذي يمده بطريقة تمكّنه من رؤية المتفرجين من خلال فتحات صُنعت لهذا الغرض دون أن يراه أحد ويمرر عرائسه عن طريق فتحات أخرى أما عن باقي الشخصيات فهي (ابن الأراجوز – زوجته "نفوسة" (يطلق عليها البعض زنوبة) – زوجته السمراء "بخيتة" (يطلق عليها الست قمر) – الفتوة – حمودة الأقرع وأخوه – الأستاذ – البربري – الخواجة – موشي ديان – العفريت – الطبيب – الشاويش – الحانوتي – الداية – فنان بالعافية "الشيخ محمد" – الشحات ويطلق عليه لاعب الأراجوز اسم "الشيخ" – كلب السرايا – الزبون – والد زوجته - اللص).
هذا بالإضافة إلى عدد من الشخصيات نسمع عنها ولا نراها مثل عديلة في "الفتوة الغلباوي" ووالد الأراجوز في "الشحات تصنع الدُّمى من الخشب إما بواسطة الفنان المؤدي أو صانع محترف، وآخر هؤلاء الصنّاع "محمد الفران" الذي توفي منذ أكثر من ثلاثين عاماً. يقدَّم فن الأراجوز من خلال عدد من الوسائط هي: عربة الأراجوز – البرفان – الباردة – الخيمة.
تنحصر العناصر البشرية في: الفنان المؤدي ومساعده الملاغي والجمهور، ويتحدد على أساس وسيط العرض المساهمات البشرية في العروض، فالخيمة مثلاً لا يحتاج فنانها إلى ملاغي أو مساعد، وذلك على عكس البرفان والباردة حيث يحتاج الفنان المؤدي إلى مساعد / ملاغي. أما العربة فيحتاج أداء العروض فيها إلى أكثر من ذلك ( فنان مؤدٍّ – مساعد / ملاغي – عامل تذاكر / فردين لتنظيم الدخول والخروج). وأحياناً يكون هناك أكثر من فنان مؤدِّ يتناوبون العمل داخل العربة.
ويلعب الملاغي دوراً هاماً في إتمام عروض الأرجواز، فهو يشارك الفنان المؤدي بالعزف كما يردد الأغاني خلف الأراجوز ويستحث الجمهور على الغناء ويشارك الأراجوز في الحوار، ويكرر بعض الكلمات التي تبدو غير واضحة بفعل الأمانة، ويساهم في خلق المواقف المضحكة سواء من خلال الكوميديا اللفظية أو الحركية، وله دور هام في استنطاق المتفرجين وإشراكهم في العرض.
ويعد الملاغي من أهم العناصر الأساسية لعروض الأراجوز لا بدّ أن يتّصف الفنان المؤدي بسرعة البديهة، فهو يغني ويحرك الدُّمى ويمثل ويرتجل النص في وقت واحد، وأن يكون ذا صوت حسن وقدرة على التحكم في أداء اللهجات المختلفة وتلوين الصوت واستحضار نبرات صوتية مختلفة، وقدرة فائقة على الارتجال والخلق الإبداعي المتجدد وتحويل أبسط الإمكانيات إلى أدوات للمتعة والتواصل المستمر مع الجمهور تركت العديد من الفنون الشعبية آثارها على فن الأراجوز ومن ذلك ما نجده في نمرة "الست اللي بتولد" في رواية صابر المصري حيث نري تأثره بما كان يقدم من ألعاب "القرداتي"، إذ تعتمد إحدى نمره على أن يطلب من الحمار أن يختار أجمل بنت في الحلقة فيتقدم إليها وأنفه إلى وجهها فيضحك الفتاة والمشاهدين يختلف فنانو الأراجوز أنفسهم في تحديد عدد نمر الأراجوز، فعندما سألت "صابر المصري" ، أجاب: "بتاع الأراجوز اللي بجد ممكن يخش البرفان ميطلعش منه إلاّ تاني يوم"، كناية عن كثرة النمر.
ويقول "سمير عبد العظيم" : "عدد لوحات عربة الأراجوز 18 لوحة، بما يعني أنها 18 نمرة أو تمثيلية" ، وفي ذات الوقت سألت "حسن سلطان" فأجاب : 164 نمرة، وحددها "صلاح المصري" ب 24 نمرة.
ولقد قام المؤلف بحصر نمر الأراجوز التي جمعها من سبعة فنانين هم: صلاح المصري – صابر شيكو – محمد كريمة – سيد الأسمر – سمير عبد العظيم – حسن سلطان – عم صابر المصري، فلم تخرج عن النمر الآتية: جواز بالنبوت " و" الاراجوز ومراته " و" الست اللي بتولد " و" الاراجوز ومراته السودة " و" حرامي الشنطة " و" البربري " و" الشحات " و" فنان بالعافية " و" الحانوتي النصاب " و" كلب السرايا " و" حمودة وأخوه " و" جر شكل " و" الفتوة الغلباوي " و" الاراجوز في سوق العصر " و" اراجوز في الجيش " و" حرب اليهود " و" حرب بورسعيد " و" العفريت " ، ويضيف بعض اللاعبين اسماء لنمر مثل "حرب النصارى، وحرب 6 أكتوبر"ارتبطت عروض الأراجوز بشكل أساسي بالشارع، كما أن الرافد الأساسي المشكِّل لعقلية الفنان المؤدي هو ممارسات الحياة، ومن ثم فإن دورة الحياة هي أحد أهم الروافد التي شكلت موضوعات عروض الأراجوز، وكانت من العناصر الأساسية لجذب جمهور الشارع، فالموضوعات المطروحة تشكل جزءاً من حياته، وتدور هذه الموضوعات حول الولادة، والتعليم، والتجنيد، والزواج، والعمل، والموت، وجميع هذه الأفعال تشكل ما يُعرف بدورة الحياة ويمكن أن نستخلص سيرة الاراجوز حتى نهايته فى نمرة "العفريت" وعلاقاته مع مختلف الأطراف من خلال النمر إذا نظرنا إليها في سياق ترتيبي معين.
وأشهر الموضوعات عند الجماهير وأولها استدعاء عند فنان الأراجوز علاقته بزوجته وصراعهما الشهير في نمرة "الأراجوز ومراته"، فالعلاقات الأسرية من أكثر العلاقات بروزاً لدى الجمهور ولدى الفنان المؤدي أما الفصل الثاني فجاء تحت عنوان صناعة العرض وتناول فيه المؤلف العلاقة بين الفنان المؤدي والجمهور والتداخل بين العوالم المختلفة وغيرها من الفرضيات الأساسية التي تقوم عليها العروض.
ثم تناول بنية النمر ومكوناتها من نمر داخلية وأغاني وحوار وبعض أساليب صناعة الفكاهة اللفظية، كذلك تعرضت لشخصيات مسرح الأراجوز على اختلافها، والاعتدائية كوسيلة فى حسم صراعه مع مختلف الشخصيات إذ إن العلاقة بين الفنان المؤدي / الفاعل والجمهور من الركائز الأساسية لصناعة عروض الأراجوز ، تلك العلاقة التي تخلق مجالات مختلفة ومستويات متباينة لأشكال التفاعل التى يحرص الفنان المؤدي عليه، وتكون بالنسبة له مؤشراً على نجاح العرض. وكثيراً ما يوقف بعض الفنانين عروضهم طالبين من الجمهور المشاركة ، وكأن الجمهور هو الفاعل الحقيقي للعرض.
وترتبط صناعة العروض بخلق مساحات تسمح للجمهور بالتدخل فيه، ومنها البداية الغنائية التى تعتمد على محفوظات مشتركة بين الفنان المؤدي والجمهور، وتتغير حسب انتشار أغان معينة أو علمه بميل جمهوره لنوعية معينة من الغناء، وربما كان ذلك سبباً في عدم وجود أغان خاصة بالأراجوز، ويوظف فنان الأراجوز الأغاني تبعاً لتنوع الحدث الدرامي ، فيبدأ "صلاح، فالمساحة المشتركة بين الفنان الفاعل والجمهور تحوله إلى فاعل من نوع آخر، وتخرجه من مفاهيم التلقي السلبي حيث يتحول إلى ما يمكن أن نسميه بالمتلقي الفاعل، الذي تقع عليه بعض مسؤوليات صناعة العرض وربما تعتمد نهاية العرض على مشاركة الجمهور كما في نمرة " حرامي الشنطة".
ويأتي التداخل بين عالم الإنسان ممثلاً في الملاغي والجمهور وعالم الدمى كأحد أهم مفردات صناعة العرض، ويتمثل هذا التداخل فى الدور الذي يلعبه الملاغي وحالات الملامسة المستمرة بل وضرب الدمية له وخوفه منها وعبث الدمية به.
وللملاغي دور هام في عروض الأراجوز. فبالإضافة لمسؤوليته عن الإيقاع والموسيقى من خلال "الطرومبيطة" أو "الطبلة" فهو يردد الأغاني التى يغنيها الأراجوز ويستحث الجماهير على الغناء ويشارك الفنان المؤدي الحوار وخلق الكوميديا اللفظية والحركية، وتكرار بعض الكلمات التى تبدو غير واضحة بفعل "الأمانة"، ويساهم في دمج استجابات الجمهور وتنظيمها بما يخدم أداء الفنان كما يلعب دوراً درامياً في بناء الأحداث في العديد من النمر وكثيراً ما تعبث الدمية بإرادة الملاغى لتمثل مفارقة واضحة، فالدمية مسلوبة الإرادة لأنها تتحرك بإرادة آخر / اللاعب، تسلب الملاغي إرادته ليصبح الملاغي مسلوباً ومسحوقاً أمام إرادتهاويعتمد الحوار بين فنّان الأراجوز والملاغي على الارتجال مما يخلق حالة من التجديد المستمر في العروض من خلال العلاقة التفاعلية بينهما، وهو ما يشكل العملية الإبداعية ذاتها بما يتيح إعادة الإبداع من خلال الأداء ويساهم الملاغي أيضاً ًفي تنظيم استجابات الجمهور المختلفة ليخلق التداخل بين العوالم المختلفة في عرضه لخلق علاقة تفاعلية بين جميع العناصر التى لا يمكن استبعاد الجمهور منهاومن الطبيعي أن يتأثر أداء الفنان بوسيط العرض إذ يفسح البرفان المجال أمام الفنان للاعتماد على النمر الحركية، حيث يستخدم أبعاده كالعمق ببعديه الأفقي والرأسي، وجانبيه الأيمن والأيسر والمساحة المقابلة للجمهور في تشكيل الحركة وخلق مساحات متخيلة تعتمد على قدرته فى تحريك عرائسه وإحساسه بالزمن داخل العرض بما يوحي بالأبعاد المختلفة
يطلق فنان الأراجوز اسم " النمرة "على عرضه، وأهم ما يشكل النمر: الغنائية التي تبدأ بها، والاعتدائية "الضرب – الطرد" التي تنتهي بها، والتداخل بين ما هو آدمي/الملاغي ومادي/الدُّمى، والاعتماد على النمر الحركية واللفظية وبساطة الحدث ونمطية الشخصيات وتتميز النمر ببساطة الحدث.فالملاحظ أن هناك خط عام للأحداث يلتزمه جميع اللاعبين ، ويضيف معظمهم من ارتجالاتهم داخله، وبساطة الحدث وعدم التعقيد تجعل مشاركة الجمهور فى العرض سهلة وميسرة.
يسمي فنّان الأراجوز عرضه "نمرة"، إلاّ أنه داخل هذه النمرة يعتمد على نمر داخلية وهي "مواضع يسعى فيها الفنان إلى استخدام القدرة البدنية وخفّة اليد وطلاقة اللسان التي يتمتع بها وتمثل الاعتدائية التي هي فعل أساسي في عروض الأراجوز، الحل الأمثل الذي ينهي به صراعه تمهيدا لنهاية عرضه. فالأراجوز يميل للحلول الجذرية ويأتي الضحك من الجمهور المتنوع ليس لقهر العناصر الفاسدة فحسب، بل لكسر المحرمات الي يفرضها هذا الفعل، وكثيراً ما تأتي هذه الاعتدائية كرد فعل لاعتدائية وقعت على الأراجوز مسبقاً، إلا أنها تقف عاجزة أمام العوالم الخفية لتصبح محدودة بحدود الواقع.
ولا تخلو نمرة للأراجوز من أغنية ما، وليس هناك أغانٍ باقية حتى الآن يستخدمها فنانو الأراجوز من التراث الغنائي المرتجل للأراجوز، ومعظم ما يستخدم أغانٍ أخذت طابع الانتشار الجماهيري، أو أغانٍ شعبية انتشرت بعد أن أداها أحد الفنانين، وتساهم البداية الاستهلالية للأغنية في تحضير الجمهور للعرض من خلال صوته الذي يستحث الجماهير على المشاركة في الغناء إما مباشرةً أو ضمنياً. ولا ترتبط النمر بأغانٍ محددة وإنما يستدعي كل فنان ما يناسب الموقف، فأحياناً نسمع مقطعاً لأم كلثوم أو عبد الحليم، أو تختلف المدة الزمنية للأغنية من مكان إلى آخر، فعروض المولد تشهد اعتماد الفنان المؤدي على الأغنية بشكل يجعلها أحد أكثر العناصر بروزاً حيث تستغرق الأغاني أحياناً وقتاً أكثر من الحوار. وكذلك الحال عند محمد كريمة الذي مازال يجوب شوارع القاهرة متخذاً منها مسرحاً، وتقل مساحتها عند صابر المصري لاختلاف أماكن عرضه إلا أنه يركز على توظيفها داخل عرضه بشكل فاعل. وعلى هذا لم يقف الغناء عند حد الوظيفة الإعلانية، كما هو الحال في البيئات الشعبية، وإنما تعدّى ذلك لأغراض درامية. ويسعى الحوار فى عروض الأراجوز إلى التفاعل المستمر بين الجمهور والعرض، وتحقيق متعة الفرجة للمشاهد بالاعتماد على كل ما هو جماهيري وشعبي، وتلك المتعة التي لا تتعارض مع النقدية ولتحقيق هذا الهدف يعتمد حوار الأرجوز على بعض أساليب الفكاهة
لقد واجه الأراجوز هذا الآخر النخبوي الذي فرض سلطته باسم الدين او العلم، فالشحاذ المعمّم ما هو إلا رمز لرجل الدين الذي يثقله بالطلبات ليسلبه قوته، ويتخذ من النمرة وسيلة لتوعية الجمهور بحيل المتسولين إلا أن اللافت للانتباه أنه يتخذ من ملابس رجال الدين زياً له، وكذلك الأمر بالنسبة للأستاذ الذي يتخذ من العلم وسيلة لفرض سيطرته وهو ما يرفضه الأراجوز مستخدماً عصاه في الانتقام لنفسه. ويأتي الطرد والإقصاء من المجتمع حلاً مثالياً لمثل هذه العناصر، فلا يقع في الفخ الذي يُنصب باسم الدين ليبيع حاضره بذلك الغائب وهو ما يتنافى مع مفهوم الدين للحياة من "مسخ ملامح الحاضر بالتعامل معه بوصفه جسراً لا يصلح لممارسة الحياة عليه مما يلتزم تأجيلها لحين عبوره... أملاً في مستقبل أفضل.
و من أهم الموضوعات التى حرص فنان الأراجوز على تجسيدها من خلال نمره المختلفة علاقته بالآخر الأجنبي؛ الذي تنوع بين "المستعمر" كما في نمر "حرب اليهود"، و"حرب بورسعيد" و "المستثمر" كما في "حرامي الشنطة"، و"الطبيب" في نمرة "كلب السرايا".
اما عن الشخصيات النسائية فهناك ثلاث شخصيات نسائية في عروض الأراجوز (زوجته البيضاء – نفوسة ويطلق عليها بعض اللاعبين اسم زنوبة ، ولم اشاهد أي لاعب يستخدم لفظة كشكليوز اسماً لها – وبخيته الزوجة السمراء ويلقبها البعض بالست قمر – والداية ). وبالرغم من أن الكوميديا تنزع نحو إصلاح العيوب والأخطاء والاتجاه نحو حياة أفضل عن طريق خلق التوافق بين العناصر المختلفة إلاّ أن الضرب ثم الإقصاء الذي يمثل تطهيراً للمجتمع من تلك العناصر الفاسدة يكون هو الحل الأمثل لعلاج تلك المشكلات لدى فنان الأراجوز الذي يعمد فيه لتطهير المجتمع من الفساد وبتكرار كلمة (اطلع بره) يقصي تلك العناصر الفاسدة والقامعة له وللحريات بشكل عام و لا نكون مبالغين اذا قلنا إن الأراجوز كلمة (أرحل) والتي كانت شعارا لثورة يناير استدعاها اللاوعي الجمعي بشكل مباشر من عروض الاراجوز فكانت النهاية تماما كما ينهي الأراجوز عروضه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.