قال عضو مجلس الشورى الدكتور سعد البازعي: إن المثقف يجد صعوبة في مواجهة السلطة بأنواعها الثلاث السياسة والاجتماعية والثقافية، حيث تعد ثلاثتها سلطات متداخلة مع بعضها البعض، مما يجعل التمييز بينها نسبي وغير قطعي.. إلا أن مدار الملاحظات هي الكيفية التي تشكلت بها النصوص المنتجه للمعرفة والثقافة بتأثيرتلك السلطات، ولعل في اختياري لأبي حيان التوحيدي وعبدالله بن المقفع لما واجهاه من سلطات مجتمعية وسياسية وثقافية حتى أن نصوصهما تعرضت لممارسات السلطة رغم مالديها من حيل في القول والكتابة.. ولما مثلته كتابات الرمزيين من السعي إلى ماتريد قوله رغم مايحيط بها من قوى كانت تحيط بسلطة المعرفة في مواجهة السلطة السياسية.. جاء ذلك خلال الأمسية التي اقامها نادي جازان الأدبي الثقافي بعنوان:" العلاقة بين المعرفة والسلطة في الثقافة العربية: أبو حيان التوحيد وابن المقفع نموذجا". وقد أوضح د. البازعي خلال المحاضرة بأن اختياره للموضوع لسببين أولهما يتمثل في أهمية الموضوع بوصفه من موضوعات الساعة على حد تعبيره، وثانيهما أنه يعمل على مشروع يتمحورعلى علاقة الثقافة بالسلطة عبر مختلف العصور واصفا هذه العلاقة بالجدلية.. مستعرضا سيرة ابن المقفع وكتابه الشهير(كليله ودمنة) كأحد النماذج المبكرة في التأليف العربي المشكل بالرقابة من ناحية والرغبة من ناحية أخرى في إيجاد موقف من الأحداث السياسية وما حمله الكتاب من سمة الترجمة الى الفارسية والتي تمثل لغة المؤلف وأصل مؤله والتي يصفها الكثيرون بأنها مناورة من المؤلف درءا من المخاطر المتوقعة. كما تحدث المحاضر عن النموذج الآخر - أبوحيان التوحيدي - واقفا مع العديد من الرؤى حول كتاب (الإمتاع والمؤانسة)الذي دخل معه التوحيدي في مواجهات السلطة رغم الهشاشة الاجتماعية التي كان عليها.. مشيرا إلى أن هناك الكثير من النماذج التي تتكرر في التراث العربي وفي الغرب، والتي يجد المتتبع لها العديد من النماذج التي تشبه مانجده لدى ابن المقفع وأبي حيان من أناس يريدون أن يقولوا شيئا ولكنهم يستخدمون أسلوبا لايختلف كثيرا عما يوجد في أدبيات النموذجين.. حيث أعقب ذلك جملة من مداخلات الحضور وأسئلتهم التي التقت في علاقة المثقف بالسلطة، وتاريخ السلطات، ومنهج التوازن في الإسلام بين المفكر والسلطان، والأساليب التي طرقها النموذجين فيما أراد قوله فيما ألفاه من كتب جاءت في سياق علاقة الثقافة بالسطلة.