أكدت دراسة حرص دول الخليج على تنفيذ برامج تطوير الإنتاج والوظائف والعمل على زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحسين بيئة العمل ومناخ الاستثمار وان تبين توجيه الاستثمارات إلى قطاعات وأنشطة تساعد على زيادة النمو الاقتصادي فضلا عن زيادة معدلات تشغيل العمالة الوطنية. وأوضحت الدراسة التي أعدتها مؤسسة الخليج للاستثمار ان اقتصاد دول مجلس التعاون يعتمد على النفط والغاز كمصدر أساسي للإيرادات حيث تقوم حكومات دول المجلس باستخدامها من اجل إقامة مشاريع اقتصادية لأغراض التنمية الاقتصادية شاملة تنمية القطاع الخاص إضافة إلى توظيف الكوادر الوطنية في الأجهزة الحكومية المختلفة. وتستثمر دول المجلس قدراً يعتد به من عائدات النفط في تنمية الموارد البشرية والارتقاء بمستوى معيشة الإنسان من خلال التعليم والتدريب وفي الصحة والعناية بالطفولة والأمومة ورعاية كبار السن والمتقاعدين الى ما غير ذلك من الاستثمارات في المشاريع والبرامج الاقتصادية والاجتماعية المختلفة. ولاحظت الدراسة مشفوعة بغيرها من الأبحاث إن حصيلة برامج التنمية الاقتصادية ولان نجحت في الارتقاء بمستويات المعيشة والرفاهة إلا أنها قد تقاعست عن خلق العدد الكافي من الوظائف لاستيعاب الأعداد الجديدة والمتزايدة من العمالة الوطنية الداخلة الى أسواق العمل. ونتج عن معضلة البطالة الخليجية زيادة معدلات البطالة بين العمالة الوطنية بحيث تجاوزت وفق آخر البيانات المستقاة من المصادر الوطنية نسبة 10.5% كما هي الحال في السعودية و14% في الإمارات و8% في عمان والبحرين، فيما تدنت النسبة الى 6% في الكويت و3% في قطر. والمسألة الأكثر الحاحاً تتعلق بمعدلات البطالة السائدة بين الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 19 و25 عاما اذ تبلغ نسبتهم 30% في السعودية و28% في البحرين و23% في عمان وحوالي 24% في الامارات و12% في الكويت. وبينت الدراسة أن غالبية العاطلين من المتعلمين الذين امضوا سنوات طويلة في التحصيل العلمي، خاصة من خريجي الثانوية العامة والمؤهلات الجامعية الأمر الذي يثير التساؤل عن مدى ملائمة مخرجات النظام التعليمي مع متطلبات أسواق العمل الحديثة، مما أدى الى انخفاض معدلات الانتاجية في دول مجلس التعاون وتزاحم العمالة الوطنية في القطاع العام مع استخدام القطاع الخاص لعمالة أجنبية رخيصة الأجر وقليلة المهارة. ولاحظت الدراسة ان هناك اتجاها متسارعاً لتزايد أعداد الاناث المتخرجات من النظام التعليمي والباحثات عن عمل، مما يؤدي الى زيادة نسب البطالة ما لم يتم خلق الأعداد الكافية من الوظائف لاستيعاب العمالة الوطنية عند أجور مقبولة تكفل العيش الكريم. وتنبثق جذور البطالة في دول المجلس من مصادر ديمغرافية واقتصادية وتعليمية، تتمثل في سرعة معدلات النمو السكاني وغلبة الفئات الشابة والفتية في الهرم السكاني التي تتدافع في الأعوام القادمة نحو الالتحاق بأسواق العمل بمعدلات مرتفعة تستوجب ايجاد وظائف كافية لها، كما يعتبر الاقتصاد الخليجي ريعيا حيث تأسس على استئثار القطاع الحكومي بالحصة الغالبة من الأنشطة الاقتصادية والمشاريع الاستثمارية والبرامج الشاملة توظيف العمالة الوطنية في القطاع العام، مما نتج عنه دفع مرتبات وأجور مرتفعة للعمالة الوطنية لاستقطابها لشغل الوظائف الحكومية الادارية والتنفيذية والقيادية لادارة مختلف مناحي الحياة الوطنية، وفي ذات الوقت فتح باب الهجرة العمالية على مصراعيه لاستقطاب عمالة لازمة لمرحلة التعمير والتشييد والبناء شاملة مرافق الصحة والتعليم والمشاريع الهندسية المختلفة.