لم يغب عن "وزارة التربية والتعليم" من فاته قطار التعليم في الماضي، وقدّمت جهوداً جبارة لمحاربة الأمية، والمساهمة في القضاء عليها؛ بتطبيق قاعدة: "أطلب العلم من المهد حتى اللحد"، وهذا ما ينطبق فعلاً على طالبات المدن والقرى والهجر، التي منحتهن الوزارة ممثلة في تعليم الكبيرات الفرصة لأن يتخطين الأمية. وعلى الرغم من أن الوزارة قدّمت برنامج "مجتمع بلا أُمية" -الذي يُنفذ في جميع القرى والمناطق النائية والوعرة، ويركز على إتقان القراءة والكتابة فقط، إلى جانب تقديمها مكافأة لكل ملتحقة في نهاية البرنامج تقدر ب(1000) ريال-، إلاّ أن الدور الأكبر يقع على المُتعلمات، اللاتي لابد أن يحرصن على الحضور والتفاعل، مع أهمية أن لا يتسرب الملل إلى قلوبهن. "الرياض" بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية - الذي يصادف اليوم السبت - تناقش موضوع تعليم الكبيرات، فكان هذا التحقيق. سن قانوني في البداية، قالت "ابتهال السليمان" - نائب مدير تعليم الكبيرات في وزارة التربية والتعليم - إذا استمرت بعض الهجر والقرى بلا مدارس تعليم عام؛ فستبقى الأمية موجودة، خاصةً أن الملتحقات في تعليم الكبيرات هن من صغار السن وممن لم تتجاوز أعمارهن ال(11) عاماً، حيث أن الصغيرات في هذا العمر يرفضهن التعليم العام ويتم تحويلهن إلى تعليم الكبيرات؛ في الوقت الذي لا يستقبل فيه التعليم العام من هي أكبر من تسعة أعوام؛ فتضطر الفتاة البقاء في المنزل عامين لتلتحق بتعليم الكبيرات، مشيرة إلى أن التعليم العام لا يفتح مدارس في بعض الهجر والمناطق النائية إلاّ عند وجود (50) طالبة فما فوق، بينما تعليم الكبيرات يكتفي ب(10) طالبات في المدن ليفتح فصلاً، وخمسة طالبات في القرى والهجر ليفتح فصلاً لهن، مقترحةً أن يقبل التعليم العام الطالبات حتى عمر (15) عاماً، وتحال من هي أكبر من ذلك إلى تعليم الكبيرات، حيث أنه من غير المنطقي أن تجمع ابنة (11) عاماً مع امرأة (40) عاماً في فصل واحد، خاصةً إذا كانت الأعداد قليلة وإمكانية تعدد الفصول منعدمة، موضحةً أن السن القانونية للالتحاق بتعليم الكبيرات يبتدئ من (11) إلى (45) عاماً، ويتم في الغالب قبول جميع الأعمار فيما فوق (45). دورات تدريبية وأوضحت "ابتهال السليمان" أن هناك من بعض الأسر من تفضل إلحاق بناتهن بتعليم الكبيرات؛ بسبب الدوام المسائي وقلة الأعداد، إضافةً إلى قصر المدة الزمنية للعملية التعليمية في المرحلة الابتدائية التي لا تتجاوز الثلاثة أعوام؛ لتنتقل بعدها الطالبة إلى المرحلة المتوسطة والثانوية في الفترة الصباحية بمدارس التعليم العام، لمن أرادت إكمال مسيرتها التعليمية، حيث يتم تخصيص فصول لهن بمسمى تعليم الكبيرات، مبينةً أنه يتم عادةً الاتفاق مع مديرات المدارس بتخصيص فصول في الدور الأرضي للكبيرات، وفسحة خاصة بهن بعيداً عن طالبات التعليم العام، مضيفةً أنه يتم إخضاع جميع معلمات تعليم الكبيرات لدورتين تدريبيتين إجبارية على الاحتياجات التدريبية، تعرفهن على آلية التعامل مع الكبيرات بداية كل عام دراسي، ذاكرةً أن من أبرز الأمور التي تعاني منها مدارس تعليم الكبيرات هي قضايا التسرب في منتصف الفصل الدراسي بسبب بعض الظروف الاجتماعية، وبعضهن لا يُفكرن بالتسجيل إلاّ في منتصف الدراسة، الأمر الذي يربك المعلمات والمدرسة. برنامج «مجتمع بلا أُمية» ركّز على القراءة والكتابة وقدّم 1000 ريال مكافأة لكل متعلمة وأضافت أن النقل سبب رئيس في عمليات التسرب التي تعاني منها مدارس تعليم الكبيرات، حيث تعاني المُتعلمة من مشكلة الحضور للمدرسة والانصراف؛ فتفضل البقاء، وأحياناً هناك جهود شخصية من بعض مديري تعليم المناطق بتوفير نقل للكبيرات. إقرأ لتتعلم وذكرت "ابتهال السليمان" أن أهم البرامج التي تتبناها الوزارة هو برنامج: "مجتمع بلا أمية"، الذي يُنفذ في جميع القرى والمناطق النائية والوعرة، ويركز على إتقان القراءة والكتابة فقط، حيث حمل شعار: "اقرأ لتتعلم"، بعدها تخضع الدارسة لاختبار يحدد ما إذا اجتازت أو لا، مضيفةً أن الوزارة خصصت مكافأة لكل ملتحقة في نهاية البرنامج تقدر ب(1000) ريال، وتستحقها كل ملتحقات البرنامج، إضافةً إلى جميع الكبيرات في المدارس في نهاية الصف الثالث في المرحلة الابتدائية، مؤكدةً على أن الوزارة أوجدت برنامج: "وزارة بلا أمية"، حيث حرصت أن يكون لها فصل في كل الجهات الحكومية والمدارس والوحدات الصحية، تدرس فيها جميع المستخدمات والأميات، ويتعلمن فيه القراءة والكتابة، كما حرصت على تطوير مناهج الكبيرات وإدخال برامج الحاسب واللغة الانجليزية للصف الثالث في المرحلة الابتدائية. حملات صيفية وأكدت - نائب مدير تعليم الكبيرات في وزارة التربية والتعليم - على أن إدارة تعليم الكبيرات باتت تطبق برنامج: "الحي المتعلم"، وفيه تختار الإدارة (25) منطقة، ثم اختيار اثنين من الأحياء الفقيرة تفتح فيه الإدارة فصلين أو ثلاثة؛ لاعطاء دورات واكساب سكان الحي مهارات متعددة، إضافةً إلى تنظيم المعارض وإدارة فعاليات وإدارة مناسبات، حيث لاقت إقبالاً كبيراً من قبل ساكنات الحي، مشيرةً إلى أن الوزارة تبنت إقامة حملات صيفية تقام في القطاعات التي لا يوجد بها مدارس تعليم عام والمناطق الوعرة والنائية لمدة (60) يوماً، يرصد لها ميزانية ويخصص لها كادر تعليمي ومشرفات، إضافةً إلى خيام وسيارات متنقلة، يتم فيها إلقاء دروس تعليمية ومحاضرات توعوية وصحية ونفسية، وكذلك اجتماعية ودينية. وأضافت أن وزارة التربية والتعليم توجه في كل عام جميع المدارس والإدارات التعليمية بالاحتفال السنوي باليوم العالمي لمحو الأمية واليوم العربي كذلك، وتطلب من جميع القطاعات والمدن والقرى برفع التقارير والقوائم التي توضح آلية الاحتفال في كل منطقة ومدرسة. عدم التزام وقالت "فاطمة محسن" - معلمة عيّنت في إحدى قرى تهامة -: إن وزارة التربية والتعليم جعلت تعليم الكبيرات صباحياً، لكنها وزميلاتها فوجئن بالأعمار المتفاوتة بين الملتحقات بالصفوف، حيث كانت أعمارهن بين (10- 35) عاماً، مضيفةً أنهن قسّمن الفصول حسب الأعمار؛ لأن المجهود الذي يبذل بالتعليم سيختلف باختلاف عمر الطالبة. وأشارت "حنان فاضل" إلى أنها وجدت أثناء تنقلها بين قرى تهامة أن لدى النساء طموحاً عالياً بالتعليم وكذلك ذكاء وسرعة بديهة، فإحدى طالباتها شارفت على الثلاثين التحقت بالصفوف التمهيدية، وأنهت الأربعة أعوام المقررة، وكان طموحها أن تتعلم اللغة الإنجليزية وتدخل المتوسطة والثانوية، إلاّ أن ظروف القرية وعدد الدارسات لا يسمح بفتح مدارس في تلك المناطق، مؤكدةً على أن الطموح لا يعترف بالعمر. وبيّنت "فاطمة عبدالله" -معلمة في المرحلة المتوسطة- أن هناك عدداً لا بأس به من الكبيرات يلتحقن بالمرحلتين المتوسطة والثانوية عن طريق المنازل، ولا يأتين إلاّ في أوقات المراجعة والاختبارات، وبعضهن يجتزن المرحلتين بتفوق، إلاّ أن المشكلة والعائق لدى الكثير من السيدات أنهن لا يجدن التشجيع، ويكتفين بما تحصلن عليه من تعليم يسير. تفوق وانتساب وكشفت "حسناء علي" أنها أقنعت أُسرتها بالالتحاق بفصول محو الأمية، وبالفعل استطاعت التفوق والالتحاق بكلية التربية والانتساب والحضور بأوقات الامتحانات، مضيفةً أنها استطاعت التخرج والحصول على شهادة "البكالوريوس" وتم توظيفها بالتعليم العام. وأوضحت "حسنيّة عبد القادر الحفظي" - مديرة إدارة تعليم الكبيرات في منطقة عسير - أن دافع التعلم عند الكبيرات يختلف عنه لدى الصغيرات، ومنها تعلم القراءة والكتابة، ومعرفة أمور الدين، ومسايرة العصر، إضافةً إلى مساعدة الأولاد في الدراسة، إلى جانب حسن التعامل في أمور الحياة اليومية كاستعمال الهاتف وقراءة الفواتير والوصفات الطبية والإرشادية، مؤكدةً على أن الكبيرة لها القدرة على التعلم، وهذه الرسالة التي نحاول باستمرار إيصالها للدارسات في القرى النائية، حيث سيطرت الأفكار القديمة أن الكبير عاجز عن التعلم!. وذكرت "حسنيّة الحفظي" أن من أساسيات معلمة محو الأمية زرع الثقة في الدارسة ومنحها الفرصة، وإفهامها أن الخطأ ظاهرة طبيعية للتعلم، إضافةً إلى مساعدة الدارسات على التخلص من شعور النقص، وذلك بتعريفهن أن المتعلم أتيحت له فرصة التعليم، أما "الأُمي" فقد فاتته الفرصة وحان وقت التعلم ليكون مساوياً للآخرين. نماذج للنجاح! * نجحت في إكمال مسيرتها التعليمية والانتقال إلى المرحلة المتوسطة والثانوية حتى تخرجت من الجامعة، وأصبحت مشرفة تربوية جنوبالرياض، وبذلك ضربت أروع أمثلة الكفاح. * كافحت وصبرت ونجحت في التوفيق بين منزلها وأبنائها وزوجها، واستطاعت الحصول على الشهادة الجامعية من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تخصص شريعة وهي في عمر (50) عاماً. * إحدى طالبات المرحلة الاqبتدائية في تعليم الكبيرات، قاومت كبر السن والمرض، ونجحت في تخطي المرحلة الإبتدائية وهي في (90) عاما. * نجحت السبعينية "أم فهد" في الحصول على شهادة الثانوية العامة بتقدير ممتاز، ضاربةً أروع صور الكفاح والصبر. مدارس بلا معلمات! زارت "الرياض" عددا من مدارس محو الأمية للمساهمة في تفعيل اليوم العالمي لمحو الأمية والوقوف على ما تم تجهيزه من قبل المدارس، ووجدتها للأسف مغلقة، وعند السؤال والاستفسار من قبل الحارس والمستخدمة الذين كانوا متواجدين، أفادوا أنه لا يوجد معلمات ولا مديرات!، مضيفين أن الدارسات يتوافدن على المدرسة وعندما لا يجدن أحدا يعدن أدراجهن!. وعند الاتصال بإحدى المديرات قالت: "للأسف إن الخدمة المدنية حوّرت القرار القاضي بتثبيت معلمات محو الأمية مساءً مع إكمال نصابهن في الفترة الصباحية، لكن ما حصل هو أن الخدمة المدنية رفضت تثبيت معلمات محو الأمية على المستوى الخامس، فتم تثبيتهن من قبل وزارة التربية والتعليم صباحاً، وترك مدارس محو الأمية بلا معلمات"، مبينةً أن فترة بقاء معلمات محو الأمية في المساء توازي المجهود الذي تؤديه معلمات التعليم العام، حيث إن التعامل مع الأمهات والكبيرات ليس بالأمر الهيّن، والمعلمة تغطي نصابها من خلال (15- 20) حصة أسبوعياً.
