جاء هذا الخبر في موقع عربي إخباري محترم إلا أن نشره بهذه الصورة يعتبر عملاً غير مهني لأنه قائم على الإثارة ويحمل في داخله إهانة مضمرة "بالطبع الرسالة المبطنة لا تقول إننا أبطال اليوتيوب ولكننا شعب فارغ بلا اهتمامات". لا يمكن لعاقل أن يصدق فعلا أن 18 مليون سعودي يشاهدون مقاطع اليوتيوب أكثر من ال300 مليون أمريكي!. معلومة لا تدخل العقل حتى لو قضى السعوديون نهارهم وليلهم في مشاهدة اليوتيوب. سيسأل أحد الآن: لماذا إذن ينشر مثل هذا الخبر؟ سأقول باختصار أنه بهدف الإثارة الفارغة التي أصبحت تركز على السعوديين أكثر من غيرهم في محاولة لجذب ولفت الانتباه، ولكنها تفعل ذلك حتى ب"التمسخر" عليهم. في الفترة الأخيرة بتنا نقرأ الكثير من الأخبار والتقارير التي تبدأ ب"السعوديين" أو "السعوديات" وكلها في الغالب تستند على معلومات مغلوطة ولكن هدفها الإثارة فقط. نعرف نحن الصحافيين أن مثل هذا التصرف يعكس قلة خبرة في العمل الصحفي. نعم ستحظى الوسيلة الإعلامية بالجماهيرية المؤقتة بعد نشر هذه الأخبار ولكنها ستخسر سمعتها على المدى الطويل. مؤخراً بثت إحدى المحطات خبراً في ذات السياق الذي يبدأ ب"السعوديين" ولكن هذه المرة قال الخبر: إن هناك سعوديات "يبحثن عن القمل بهدف تطويل شعورهن!". واضح أن هذا الخبر مكذوب أو مبالغ فيه في أحسن الأحوال ومن غير اللائق بثه، ولكنه يؤكد على نفس الفكرة مرة أخرى. أخبار غير مؤكدة وعناوين مثيرة وإساءات مضمرة، ربما لم تكن متعمدة، ولكنها أصبحت الموضة الآن. في الواقع هذا النوع من العمل بات ينشر "بطريقة ساذجة" في الصحف السعودية أكثر من غيرها وهو أمر من المهم التنبه له. ليس المقصود بذلك الصحف أو المجلات الصفراء التي تفتقد من الأساس للمصداقية لذا فإن لها حرية نشر ما تريد. من المنطقي أن يقول أحد الآن: هل تريد أن تقدم عنا صورة ملائكية غير صحيحة؟. الجواب بالتأكيد لا، ولكن ما تقدمه هذه الأخبار المغلوطة هي صورة كاركتورية عن الواقع الفعلي. من الصحيح فعلاً أن لدينا مشكلة في مواقع التواصل الاجتماعي واليوتوب ويعود ذلك لأسباب كثيرة معقدة يطول شرحها أبرزها في اعتقادي هي دخول وسائل التقنية الحديثة "هواتف، إنترنت، آيباد، تلفزيون" في حياتنا بطريقة فجة وخاطئة جعلت الكثيرين يعيشون في العالم الافتراضي أكثر من الواقع. لهذا لو كان العنوان مثلاً "السعوديون أكثر الشعوب العربية متابعة لليوتيوب" لاعتبر ربما الخبر صحيحاً وليس مسيئاً، وإن كنت سأعتبره سيئاً. وبالطبع لن أقول أن الصحافي الذي نشره يبحث عن الإثارة المجانية. ولكن هذه الإثارة تبدو أكبر إذا ما جعلت السعوديين يتغلبون على الأمريكان.. هنا تبدو المسألة أكثر جذباً وسخرية. نحن بحاجة أن نقرأ دائماً الأخبار السيئة عنا حتى لو كانت محزنة وربما مهينة لأنها ستساعدنا في علاج مشاكلنا الحقيقية. لكن هذه الأخبار المراهقة التي تنتشر في الآونة الأخيرة لا تقدم أي شيء من ذلك، بل ترسمنا بصورة كاركتورية وتجعل فقط منا "مسخرة" للآخرين.